قضاء دين عليه" لأن هذه الأشياء لا يحتاج فيها إلى الرأي بل هو تعبير محض، وعبارة المثنى والواحد سواء. وهذا بخلاف ما إذا قال لهما طلقاها إن شئتما أو قال أمرها بأيديكما لأنه تفويض إلى رأيهما؛ ألا ترى أنه تمليك مقتصر على المجلس، ولأنه علق الطلاق بفعلهما فاعتبره بدخولهما.
قال: "وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل به" لأنه فوض إليه التصرف دون التوكيل به، وهذا لأنه رضي برأيه والناس متفاوتون في الآراء.
قال: "إلا أن يأذن له الموكل" لوجود الرضا "أو يقول له اعمل برأيك" لإطلاق التفويض إلى رأيه، وإذا جاز في هذا الوجه يكون الثاني وكيلا عن الموكل حتى لا يملك الأول عزله ولا ينعزل بموته وينعزلان بموت الأول، وقد مر نظيره في أدب القاضي.
قال: "فإن وكل بغير إذن موكله فعقد وكيله بحضرته جاز" لأن المقصود حضور رأي الأول وقد حضر، وتكلموا في حقوقه. "وإن عقد في حال غيبته لم يجز" لأنه فات رأيه إلا أن يبلغه فيجيزه "وكذا لو باع غير الوكيل فبلغه فأجازه" لأنه حضر رأيه "ولو قدر الأول الثمن للثاني فعقد بغيبته يجوز" لأن الرأي فيه يحتاج إليه لتقدير الثمن ظاهرا وقد حصل، وهذا بخلاف ما إذا وكل وكيلين وقدر الثمن، لأنه لما فوض إليهما مع تقدير الثمن ظهر أن غرضه اجتماع رأيهما في الزيادة واختيار المشتري على ما بيناه، أما إذا لم يقدر الثمن وفوض إلى الأول كان غرضه رأيه في معظم الأمر وهو التقدير في الثمن.
قال: "وإذا زوج المكاتب أو العبد أو الذمي ابنته وهي صغيرة حرة مسلمة أو باع أو اشترى لها لم يجز" معناه التصرف في مالها لأن الرق والكفر يقطعان الولاية؛ ألا يرى أن المرقوق لا يملك إنكاح نفسه فكيف يملك إنكاح غيره، وكذا الكافر لا ولاية له على المسلم حتى لا تقبل شهادته عليه، ولأن هذه ولاية نظرية فلا بد من التفويض إلى القادر المشفق ليتحقق معنى النظر، والرق يزيل القدرة والكفر يقطع الشفقة على المسلم فلا تفوض إليهما.
"قال أبو يوسف ومحمد: والمرتد إذا قتل على ردته والحربي كذلك" لأن الحربي أبعد من الذمي فأولى بسلب الولاية، وأما المرتد فتصرفه في ماله وإن كان نافذا عندهما لكنه موقوف على ولده ومال ولده بالإجماع لأنها ولاية نظرية وذلك باتفاق الملة وهي مترددة، ثم تستقر جهة الانقطاع إذا قتل على الردة فيبطل وبالإسلام يجعل كأنه لم يزل مسلما فيصح.