قال:"ومن استثنى متصلا بإقراره صح الاستثناء ولزمه الباقي" لأن الاستثناء مع الجملة عبارة عن الباقي ولكن لا بد من الاتصال، "وسواء استثنى الأقل أو الأكثر، فإن استثنى الجميع لزمه الإقرار وبطل الاستثناء" لأنه تكلم بالحاصل بعد الثنيا ولا حاصل بعده فيكون رجوعا، وقد مر الوجه في الطلاق.
"ولو قال: له علي مائة درهم إلا دينارا أو إلا قفيز حنطة لزمه مائة درهم إلا قيمة الدينار أو القفيز" وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف "ولو قال له علي مائة درهم إلا ثوبا لم يصح الاستثناء وقال محمد: لا يصح فيهما" وقال الشافعي: يصح فيهما. ولمحمد أن الاستثناء ما لولاه لدخل تحت اللفظ، وهذا لا يتحقق في خلاف الجنس. وللشافعي أنهما اتحدا جنسا من حيث المالية. ولهما أن المجانسة في الأول ثابتة من حيث الثمنية، وهذا في الدينار ظاهر. والمكيل والموزون أوصافها أثمان.
أما الثوب فليس بثمن أصلا ولهذا لا يجب بمطلق عقد المعاوضة وما يكون ثمنا صلح مقدرا بالدراهم فصار مستثنى من الدراهم، وما لا يكون ثمنا لا يصلح مقدرا فبقي المستثنى من الدراهم مجهولا فلا يصح.
قال:"ومن أقر بحق وقال إن شاء الله متصلا" بإقراره "لم يلزمه الإقرار" لأن الاستثناء بمشيئة الله إما إبطال أو تعليق؛ فإن كان الأول فقد بطل، وإن كان الثاني فكذلك، إما لأن الإقرار لا يحتمل التعليق بالشرط، أو لأنه شرط لا يوقف عليه كما ذكرنا في الطلاق، بخلاف ما إذا قال لفلان علي مائة درهم إذا مت أو إذا جاء رأس الشهر أو إذا أفطر الناس لأنه في معنى بيان المدة فيكون تأجيلا لا تعليقا، حتى لو كذبه المقر له في الأجل يكون المال حالا.
قال:"ومن أقر بدار واستثنى بناءها لنفسه فللمقر له الدار والبناء" لأن البناء داخل في هذا الإقرار معنى لا لفظا، والاستثناء تصرف في الملفوظ، والفص في الخاتم والنخلة في البستان نظير البناء في الدار لأنه يدخل فيه تبعا لا لفظا، بخلاف ما إذا قال إلا ثلثها أو إلا بيتا منها لأنه داخل فيه لفظا "ولو قال بناء هذا الدار لي والعرصة لفلان فهو كما قال" لأن العرصة عبارة عن البقعة دون البناء، فكأنه قال بياض هذه الأرض دون البناء لفلان، بخلاف ما إذا قال مكان العرصة أرضا حيث يكون البناء للمقر له لأن الإقرار بالأرض إقرار بالبناء كالإقرار