[والعاقلة أهل الديوان إن كان القاتل من أهل الديوان الخ]
...
[كتاب المعاقل]
المعاقل جمع معقلة، وهي الدية، وتسمى الدية عقلا لأنها تعقل الدماء من أن تسفك: أي تمسك.
قال:"والدية في شبه العمد والخطإ، وكل دية تجب بنفس القتل على العاقلة، والعاقلة الذين يعقلون" يعني يؤدون العقل وهو الدية، وقد ذكرناه في الديات. والأصل في وجوبها على العاقلة قوله عليه الصلاة والسلام في حديث حمل بن مالك رضي الله عنه للأولياء "قوموا فدوه" ولأن النفس محترمة لا وجه إلى الإهدار والخاطئ معذور، وكذا الذي تولى شبه العمد نظرا إلى الآلة فلا وجه إلى إيجاب العقوبة عليه، وفي إيجاب مال عظيم إجحافه واستئصاله فيصير عقوبة فضم إليه العاقلة تحقيقا للتخفيف. وإنما خصوا بالضم لأنه إنما قصر لقوة فيه وتلك بأنصاره وهم العاقلة فكانوا هم المقصرين في تركهم مراقبته فخصوا به.
قال:"والعاقلة أهل الديوان إن كان القاتل من أهل الديوان يؤخذ من عطاياهم في ثلاث سنين" وأهل الديوان أهل الرايات وهم الجيش الذين كتبت أساميهم في الديوان وهذا عندنا. وقال الشافعي: الدية على أهل العشيرة لأنه كان كذلك على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا نسخ بعده ولأنه صلة والأولى بها الأقارب.
ولنا قضية عمر رضي الله عنه فإنه لما دون الدواوين جعل العقل على أهل الديوان، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم من غير نكير منهم، وليس ذلك بنسخ بل هو تقرير معنى لأن العقل كان على أهل النصرة وقد كانت بأنواع: بالقرابة والحلف والولاء والعد. وفي عهد عمر رضي الله عنه قد صارت بالديوان فجعلها على أهله اتباعا للمعنى ولهذا قالوا: لو كان اليوم قوم تناصرهم بالحرف فعاقلتهم أهل الحرفة، وإن كان بالحلف فأهله والدية صلة كما قال، لكن إيجابها فيما هو صلة وهو العطاء أولى منه في أصول أموالهم، والتقدير بثلاث سنين مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام ومحكي عن عمر رضي الله عنه، ولأن الأخذ من العطاء للتخفيف والعطاء يخرج في كل سنة مرة "فإن خرجت