قال:"ومن اشترى شيئا لم يره فالبيع جائز، وله الخيار إذا رآه، إن شاء أخذه بجميع الثمن "وإن شاء رده" وقال الشافعي: لا يصح العقد أصلا؛ لأن المبيع مجهول. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: "من اشترى شيئا لم يره فله الخيار إذا رآه"؛ ولأن الجهالة بعدم الرؤية لا تفضي إلى المنازعة، لأنه لو لم يوافقه يرده، فصار كجهالة الوصف في المعاين المشار إليه. "وكذا إذا قال رضيت ثم رآه له أن يرده" لأن الخيار معلق بالرؤية لما روينا فلا يثبت قبلها، وحق الفسخ قبل الرؤية بحكم أنه عقد غير لازم لا بمقتضى الحديث، ولأن الرضا بالشيء قبل العلم بأوصافه لا يتحقق فلا يعتبر قوله رضيت قبل الرؤية بخلاف قوله رددت.
قال: "ومن باع ما لم يره فلا خيار له" وكان أبو حنيفة يقول: أولا له الخيار اعتبارا بخيار العيب وخيار الشرط وهذا؛ لأن لزوم العقد بتمام الرضا زوالا وثبوتا ولا يتحقق ذلك إلا بالعلم بأوصاف المبيع، وذلك بالرؤية فلم يكن البائع راضيا بالزوال. ووجه القول المرجوع إليه أنه معلق بالشراء لما روينا فلا يثبت دونه. وروي أن عثمان بن عفان باع أرضا له بالبصرة من طلحة بن عبيد الله فقيل لطلحة: إنك قد غبنت، فقال: لي الخيار؛ لأني اشتريت ما لم أره. وقيل لعثمان: إنك قد غبنت، فقال: لي الخيار؛ لأني بعت ما لم أره. فحكما بينهما جبير بن مطعم. فقضى بالخيار لطلحة، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم. ثم خيار الرؤية غير مؤقت بل يبقى إلى أن يوجد ما يبطله، وما يبطل خيار الشرط من تعيب أو تصرف يبطل خيار الرؤية، ثم إن كان تصرفا لا يمكن رفعه كالإعتاق والتدبير أو تصرفا يوجب حقا للغير كالبيع المطلق والرهن والإجارة يبطله قبل الرؤية وبعدها؛ لأنه لما لزم تعذر الفسخ فبطل الخيار وإن كان تصرفا لا يوجب حقا للغير كالبيع بشرط الخيار، والمساومة والهبة من غير تسليم لا يبطله قبل الرؤية؛ لأنه لا يربو على صريح الرضا ويبطله بعد الرؤية لوجود دلالة الرضى.
قال: "ومن نظر إلى وجه الصبرة، أو إلى ظاهر الثوب مطويا أو إلى وجه الجارية أو إلى وجه الدابة وكفلها فلا خيار له" والأصل في هذا أن رؤية جميع المبيع غير مشروط لتعذره فيكتفي برؤية ما يدل على العلم بالمقصود. ولو دخل في البيع أشياء، فإن كان لا تتفاوت