للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: وإذا اصطلح القاتل وأولياء القتيل على مال سقط القصاص ووجب المال قليلا كان أو كثيرا]

...

فصل: قال: "وإذا اصطلح القاتل وأولياء القتيل على مال سقط القصاص ووجب المال قليلا كان أو كثيرا"

لقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة:١٧٨] الآية على ما قيل نزلت الآية في الصلح. وقوله عليه الصلاة والسلام: "من قتل له قتيل" الحديث، والمراد والله أعلم الأخذ بالرضا على ما بيناه وهو الصلح بعينه، ولأنه حق ثابت للورثة يجري فيه الإسقاط عفوا فكذا تعويضا لاشتماله على إحسان الأولياء وإحياء القاتل فيجوز بالتراضي. والقليل والكثير فيه سواء لأنه ليس فيه نص مقدر فيفوض إلى اصطلاحهما كالخلع وغيره، وإن لم يذكروا حالا ولا مؤجلا فهو حال لأنه مال واجب بالعقد، والأصل في أمثاله الحلول نحو المهر والثمن، بخلاف الدية لأنها ما وجبت بالعقد.

قال: "وإن كان القاتل حرا وعبدا فأمر الحر ومولى العبد رجلا بأن يصالح عن دمهما على ألف درهم ففعل فالألف على الحر والمولى نصفان" لأن عقد الصلح أضيف إليهما. "وإذا عفا أحد الشركاء من الدم أو صالح من نصيبه على عوض سقط حق الباقين عن القصاص وكان لهم نصيبهم من الدية". وأصل هذا أن القصاص حق جميع الورثة، وكذا الدية خلافا لمالك والشافعي في الزوجين. لهما أن الوراثة خلافة وهي بالنسب دون السبب لانقطاعه بالموت، ولنا أنه عليه الصلاة والسلام أمر بتوريث امرأة أشيم الضبابي من عقل زوجها أشيم، ولأنه حق يجري فيه الإرث، حتى أن من قتل وله ابنان فمات أحدهما عن ابن كان القصاص بين الصلبي وابن الابن فيثبت لسائر الورثة، والزوجية تبقى بعد الموت حكما في حق الإرث أو يثبت بعد الموت مستندا إلى سببه وهو الجرح، وإذا ثبت للجميع فكل منهم يتمكن من الاستيفاء والإسقاط عفوا وصلحا ومن ضرورة سقوط حق البعض في القصاص سقوط حق الباقين فيه، لأنه لا يتجزأ، بخلاف ما إذا قتل رجلين وعفا أحد الوليين لأن الواجب هناك قصاصان من غير شبهة لاختلاف القتل والمقتول وهاهنا واحد لاتحادهما، وإذا سقط القصاص ينقلب نصيب الباقين مالا لأنه امتنع لمعنى راجع إلى القاتل، وليس للعافي شيء من المال لأنه أسقط حقه بفعله ورضاه، ثم يجب ما يجب من المال في ثلاث سنين وقال زفر: يجب في سنتين فيما إذا كان بين الشريكين وعفا أحدهما، لأن الواجب نصف الدية فيعتبر بما إذا قطعت يده خطأ. ولنا أن هذا بعض بدل الدم وكله مؤجل إلى ثلاث سنين فكذلك بعضه، والواجب في اليد كل بدل الطرف وهو في سنتين في الشرع ويجب في ماله لأنه عمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>