قال:"وإذا أقر الرجل في مرض موته بديون وعليه ديون في صحته وديون لزمته في مرضه بأسباب معلومة فدين الصحة والدين المعروف الأسباب مقدم" وقال الشافعي رحمه الله: دين المرض ودين الصحة يستويان لاستواء سببهما وهو الإقرار الصادر عن عقل ودين، ومحل الوجوب الذمة القابلة للحقوق فصار كإنشاء التصرف مبايعة ومناكحة. ولنا أن الإقرار لا يعتبر دليلا إذا كان فيه إبطال حق الغير، وفي إقرار المريض ذلك لأن حق غرماء الصحة تعلق بهذا المال استيفاء، ولهذا منع من التبرع والمحاباة إلا بقدر الثلث. بخلاف النكاح لأنه من الحوائج الأصلية وهو بمهر المثل، وبخلاف المبايعة بمثل القيمة لأن حق الغرماء تعلق بالمالية لا بالصورة، وفي حالة الصحة لم يتعلق بالمال لقدرته على الاكتساب فيتحقق التثمير، وهذه حالة العجز وحالتا المرض حالة واحدة لأنه حالة الحجر، بخلاف حالتي الصحة والمرض؛ لأن الأولى حالة إطلاق وهذه حالة عجز فافترقا، وإنما تقدم الديون المعروفة الأسباب لأنه لا تهمة في ثبوتها إذ المعاين لا مرد له، وذلك مثل بدل مال ملكه أو استهلكه وعلم وجوبه بغير إقراره أو تزوج امرأة بمهر مثلها، وهذا الدين مثل دين الصحة لا يقدم أحدهما على الآخر لما بينا، ولو أقر بعين في يده لآخر لم يصح في حق غرماء الصحة لتعلق حقهم به، ولا يجوز للمريض أن يقضي دين بعض الغرماء دون البعض؛ لأن في إيثار البعض إبطال حق الباقين، وغرماء الصحة والمرض في ذلك سواء، إلا إذا قضى ما استقرض في مرضه أو نقد ثمن ما اشترى في مرضه وقد علم بالبينة.