للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب التحكيم]

[مدخل]

...

[باب التحكيم]

"وإذا حكم رجلان رجلا فحكم بينهما ورضيا بحكمه جاز" لأن لهما ولاية على أنفسهما فصح تحكيمهما وينفذ حكمه عليهما، وهذا إذا كان المحكم بصفة الحاكم لأنه بمنزلة القاضي فيما بينهما فيشترط أهلية القضاء، ولا يجوز تحكيم الكافر والعبد والذمي والمحدود في القذف والفاسق والصبي لانعدام أهلية القضاء اعتبارا بأهلية الشهادة والفاسق إذا حكم يجب أن يجوز عندنا كما مر في المولى "ولكل واحد من المحكمين أن يرجع ما لم يحكم عليهما" لأنه مقلد من جهتهما فلا يحكم إلا برضاهما جميعا "وإذا حكم لزمهما" لصدور حكمه عن ولاية عليهما "وإذا رفع حكمه إلى القاضي فوافق مذهبه أمضاه" لأنه لا فائدة في نقضه ثم في إبرامه على ذلك الوجه "وإن خالفه أبطله" لأن حكمه لا يلزمه لعدم التحكيم منه.

"ولا يجوز التحكيم في الحدود والقصاص" لأنه لا ولاية لهما على دمهما ولهذا لا يملكان الإباحة فلا يستباح برضاهما قالوا: وتخصيص الحدود والقصاص يدل على جواز التحكيم في سائر المجتهدات كالطلاق والنكاح وغيرهما، وهو صحيح إلا أنه لا يفتى به، ويقال يحتاج إلى حكم المولى دفعا لتجاسر العوام وإن حكماه في دم خطإ فقضى بالدية على العاقلة لم ينفذ حكمه لأنه لا ولاية له عليهم إذ لا تحكيم من جهتهم. ولو حكم على القاتل بالدية في ماله رده القاضي ويقضي بالدية على العاقلة لأنه مخالف لرأيه ومخالف للنص أيضا إلا إذا ثبت القتل بإقراره لأن العاقلة لا تعقله.

"ويجوز أن يسمع البينة ويقضي بالنكول وكذا بالإقرار" لأنه حكم موافق للشرع، ولو أخبر بإقرار أحد الخصمين أو بعدالة الشهود وهما على تحكيمهما يقبل قوله لأن الولاية قائمة ولو أخبر بالحكم لا يقبل قوله لانقضاء الولاية كقول المولى بعد العزل.

"وحكم الحاكم لأبويه وزوجته وولده باطل والمولى والمحكم فيه سواء" وهذا لأنه لا تقبل شهادته لهؤلاء لمكان التهمة فكذلك لا يصح القضاء لهم، بخلاف ما إذا حكم عليهم لأنه تقبل شهادته عليهم لانتفاء التهمة فكذا القضاء، ولو حكما رجلين لا بد من اجتماعهما لأنه أمر يحتاج فيه إلى الرأي، والله أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>