قال:" إذا قذف الرجل امرأته بالزنا وهما من أهل الشهادة والمرأة ممن يحد قاذفها أو نفي نسب ولدها وطالبته بموجب القذف فعليه اللعان " والأصل أن اللعان عندنا شهادات مؤكدات بالأيمان مقرونة باللعن قائمة مقام حد القذف في حقه ومقام حد الزنا في حقها لقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ}[النور: ٦] والاستثناء إنما يكون من الجنس وقال الله تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ}[النور: ٦] نص على الشهادة واليمين فقلنا الركن هو الشهادة المؤكدة باليمين ثم قرن الركن في جانبه باللعن لو كان كاذبا وهو قائم مقام حد القذف وفي جانبها بالغضب وهو قائم مقام حد الزنا.
إذا ثبت هذا نقول لا بد أن يكونا من أهل الشهادة لأن الركن فيه الشهادة ولا بد أن تكون هي ممن يحد قاذفها لأنه قائم في حقه مقام حد القذف فلا بد من إحصانها ويجب بنفي الولد لأنه لما نفي ولدها صار قاذفا لها ظاهرا ولا يعتبر احتمال أن يكون الولد من غيره بالوطء من شبهة كما إذا نفى أجنبي نسبه عن أبيه المعروف وهذا لأن الأصل في النسب الفراش الصحيح والفاسد ملحق به فنفيه عن الفراش الصحيح قذف حتى يظهر الملحق به ويشترط طلبها لأنه حقها فلا بد من طلبها كسائر الحقوق " فإن امتنع منه حبسه الحاكم حتى يلاعن أو يكذب نفسه " لأنه حق مستحق عليه وهو قادر على إيفاته فيحبس به حتى يأتي بما هو عليه أو يكذب نفسه ليرتفع السبب " ولو لاعن وجب عليها اللعان " لما تلونا من النص إلا انه يبتدأ بالزوج لأنه هو المدعي " فإن امتنعت حبسها الحاكم حتى تلاعن أو تصدقه " لأنه حق مستحق عليها وهي قادرة على أيفائه فتحبس فيه " وإذا كان الزوج عبدا أو كافرا أو محدودا في قذف فقذف امرأته فعليه الحد " لأنه تعذر اللعان لمعنى من جهته فيصار إلى الموجب الأصلي وهو الثابت بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}[النور: ٤] الآية واللعان خلف عنه " وإن كان من أهل الشهادة وهي أمة أو كافرة أو محدودة في قذف أو كانت ممن لا يحد قاذفها " بأن كانت صبية أو مجنونة أو زانية " فلا حد عليه ولا لعان " لانعدام أهلية الشهادة وعدم الإحصان في جانبها وامتناع اللعان لمعنى من جهتها فيسقط الحد كما إذا صدقته.