قال:"القتل على خمسة أوجه: عمد، وشبه عمد، وخطأ، وما أجري مجرى الخطأ، والقتل بسبب" والمراد بيان قتل تتعلق به الأحكام.
قال:"فالعمد ما تعمد ضربه بسلاح أو ما أجري مجرى السلاح كالمحدد من الخشب وليطة القصب والمروة المحددة والنار"؛ لأن العمد هو القصد، ولا يوقف عليه إلا بدليله وهو استعمال الآلة القاتلة فكان متعمدا فيه عند ذلك "وموجب ذلك المأثم" لقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}[النساء:٩٣] الآية، وقد نطق به غير واحد من السنة، وعليه انعقد إجماع الأمة.
قال:"والقود" لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة:١٧٨] إلا أنه تقيد بوصف العمدية لقوله عليه الصلاة والسلام: "العمد قود" أي موجبه، ولأن الجناية بها تتكامل وحكمة الزجر عليها تتوفر، والعقوبة المتناهية لا شرع لها دون ذلك.
قال:"إلا أن يعفو الأولياء أو يصالحوا"؛ لأن الحق لهم ثم هو واجب عينا، وليس للولي أخذ الدية إلا برضا القاتل وهو أحد قولي الشافعي، إلا أن له حق العدول إلى المال من غير مرضاة القاتل؛ لأنه تعين مدفعا للهلاك فيجوز بدون رضاه، وفي قول الواجب أحدهما لا بعينه ويتعين باختياره؛ لأن حق العبد شرع جابرا وفي كل واحد نوع جبر فيتخير ولنا ما تلونا من الكتاب وروينا من السنة، ولأن المال لا يصلح موجبا لعدم المماثلة، والقصاص يصلح للتماثل، وفيه مصلحة الأحياء زجرا وجبرا فيتعين، وفي الخطإ وجوب المال ضرورة صون الدم عن الإهدار، ولا يتيقن بعدم قصد الولي بعد أخذ المال فلا يتعين مدفعا للهلاك، ولا كفارة فيه عندنا: وعند الشافعي رحمه الله تجب؛ لأن الحاجة إلى التكفير في العمد أمس منها إليه في الخطأ فكان أدعى إلى إيجابها ولنا أنه كبيرة محضة، وفي الكفارة معنى العبادة فلا تناط بمثلها، ولأن الكفارة من المقادير، وتعينها في الشرع لدفع الأدنى لا يعينها لدفع الأعلى ومن حكمه حرمان الميراث لقوله عليه الصلاة والسلام "لا ميراث لقاتل".