قال:"الشهادة فرض تلزم الشهود ولا يسعهم كتمانها إذا طالبهم المدعي" لقوله تعالى: {وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}[البقرة:٢٨٢] وقوله تعالى: {وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}[البقرة:٢٨٣] وإنما يشترط طلب المدعي لأنها حقه فيتوقف على طلبه كسائر الحقوق.
"والشهادة في الحدود يخير فيها الشاهد بين الستر والإظهار" لأنه بين حسبتين إقامة الحد والتوقي عن الهتك "والستر أفضل" لقوله صلى الله عليه وسلم للذي شهد عنده "لو سترته بثوبك لكان خيرا لك" وقال عليه الصلاة والسلام "من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة" وفيما نقل من تلقين الدرء عن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم دلالة ظاهرة على أفضلية الستر "إلا أنه يجب أن يشهد بالمال في السرقة فيقول: أخذ" إحياء لحق المسروق منه "ولا يقول سرق" محافظة على الستر، ولأنه لو ظهرت السرقة لوجب القطع والضمان لا يجامع القطع فلا يحصل إحياء حقه.
"والشهادة على مراتب: منها الشهادة في الزنا يعتبر فيها أربعة من الرجال" لقوله تعالى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ}[النساء:١٥] ولقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}[النور:٤]"ولا تقبل فيها شهادة النساء" لحديث الزهري رضي الله عنه: مضت السنة من لدن رسول الله عليه الصلاة والسلام والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص، ولأن فيها شبهة البدلية لقيامها مقام شهادة الرجال فلا تقبل فيما يندرئ بالشبهات "ومنها الشهادة ببقية الحدود والقصاص تقبل فيها شهادة رجلين" لقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}[البقرة:٢٨٢]"ولا تقبل فيها شهادة النساء" لما ذكرنا.
قال:"وما سوى ذلك من الحقوق يقبل فيها شهادة رجلين أو رجل وامرأتين سواء كان الحق مالا أو غير مال" مثل: النكاح والطلاق والعتاق والعدة والحوالة والوقف والصلح "والوكالة والوصية" والهبة والإقرار والإبراء والولد والولاد والنسب