قال رضي الله عنه: تكلموا في معنى المكروه. والمروي عن محمد نصا أن كل مكروه حرام، إلا أنه لما لم يجد فيه نصا قاطعا لم يطلق عليه لفظ الحرام. وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه إلى الحرام أقرب، وهو يشتمل على فصول منها:
[فصل: في الأكل والشرب]
"قال أبو حنيفة رحمه الله: يكره لحوم الأتن وألبانها وأبوال الإبل. وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس بأبوال الإبل" وتأويل قول أبي يوسف أنه لا بأس بها للتداوي، وقد بينا هذه الجملة فيما تقدم في الصلاة والذبائح فلا نعيدها، واللبن متولد من اللحم فأخذ حكمه.
قال:"ولا يجوز الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء" لقوله عليه الصلاة والسلام في الذي يشرب في إناء الذهب والفضة: "إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" وأتي أبو هريرة رضي الله عنه بشراب في إناء فضة فلم يقبله وقال: "نهانا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وإذا ثبت هذا في الشرب فكذا في الادهان ونحوه؛ لأنه في معناه ولأنه تشبه بزي المشركين وتنعم بنعم المترفين والمسرفين، وقال في الجامع الصغير: يكره ومراده التحريم ويستوي فيه الرجال والنساء لعموم النهي، وكذلك الأكل بملعقة الذهب والفضة والاكتحال بميل الذهب والفضة وكذا ما أشبه ذلك كالمكحلة والمرآة وغيرهما لما ذكرنا.
قال:"ولا بأس باستعمال آنية الرصاص والزجاج والبلور والعقيق" وقال الشافعي: يكره لأنه في معنى الذهب والفضة في التفاخر به. قلنا: ليس كذلك؛ لأنه ما كان من عادتهم التفاخر بغير الذهب والفضة.
قال:"ويجوز الشرب في الإناء المفضض عند أبي حنيفة والركوب على السرج المفضض والجلوس على الكرسي المفضض والسرير المفضض إذا كان يتقي موضع الفضة" ومعناه: يتقي موضع الفم، وقيل هذا وموضع اليد في الأخذ وفي السرير والسرج موضع