الجلوس. وقال أبو يوسف: يكره ذلك، وقول محمد يروى مع أبي حنيفة ويروى مع أبي يوسف، وعلى هذا الخلاف الإناء المضبب بالذهب والفضة والكرسي المضبب بهما، وكذا إذا جعل ذلك في السيف والمشحذ وحلقة المرأة، أو جعل المصحف مذهبا أو مفضضا، وكذا الاختلاف في اللجام والركاب والثفر إذا كان مفضضا، وكذا الثوب فيه كتابة بذهب أو فضة على هذا، وهذا الاختلاف فيما يخلص، فأما التمويه الذي لا يخلص فلا بأس به بالإجماع. لهما أن مستعمل جزء من الإناء مستعمل جميع الأجزاء فيكره، كما إذا استعمل موضع الذهب والفضة. ولأبي حنيفة رحمه الله أن ذلك تابع ولا معتبر بالتوابع فلا يكره. كالجبة المكفوفة بالحرير والعلم في الثوب ومسمار الذهب في الفص.
قال:"ومن أرسل أجيرا له مجوسيا أو خادما فاشترى لحما فقال اشتريته من يهودي أو نصراني أو مسلم وسعه أكله"؛ لأن قول الكافر مقبول في المعاملات؛ لأنه خبر صحيح لصدوره عن عقل ودين يعتقد فيه حرمة الكذب والحاجة ماسة إلى قبوله لكثرة وقوع المعاملات.
قال:"وإن كان غير ذلك لم يسعه أن يأكل منه" معناه: إذا كان ذبيحة غير الكتابي والمسلم؛ لأنه لما قبل قوله في الحل أولى أن يقبل في الحرمة.
قال:" ويجوز أن يقبل في الهدية والإذن قول العبد والجارية والصبي"؛ لأن الهدايا تبعث عادة على أيدي هؤلاء، وكذا لا يمكنهم استصحاب الشهود على الإذن عند الضرب في الأرض والمبايعة في السوق، فلو لم يقبل قولهم يؤدي إلى الحرج. وفي الجامع الصغير: إذا قالت جارية لرجل بعثني مولاي إليك هدية وسعه أن يأخذها؛ لأنه لا فرق بين ما إذا أخبرت بإهداء المولى غيرها أو نفسه لما قلنا.
قال:"ويقبل في المعاملات قول الفاسق، ولا يقبل في الديانات إلا قول العدل". ووجه الفرق أن المعاملات يكثر وجودها فيما بين أجناس الناس، فلو شرطنا شرطا زائدا يؤدي إلى الحرج فيقبل قول الواحد فيها عدلا كان أو فاسقا كافرا أو مسلما عبدا أو حرا ذكرا أو أنثى دفعا للحرج. أما الديانات فلا يكثر وقوعها حسب وقوع المعاملات فجاز أن يشترط فيها زيادة شرط، فلا يقبل فيها إلا قول المسلم العدل؛ لأن الفاسق متهم والكافر لا يلتزم الحكم فليس له أن يلزم المسلم، بخلاف المعاملات؛ لأن الكافر لا يمكنه المقام في ديارنا إلا بالمعاملة. ولا يتهيأ له المعاملة إلا بعد قبول قوله فيها فكان فيه ضرورة، ولا يقبل فيها قول المستور في ظاهر الرواية. وعن أبي حنيفة أنه يقبل قوله فيها