للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جريا على مذهبه أنه يجوز القضاء به، وفي ظاهر الرواية هو والفاسق فيه سواء حتى يعتبر فيهما أكبر الرأي.

قال: "ويقبل فيها قول العبد والحر والأمة إذا كانوا عدولا"؛ لأن عند العدالة الصدق راجح والقبول لرجحانه. فمن المعاملات ما ذكرناه، ومنها التوكيل. ومن الديانات الإخبار بنجاسة الماء حتى إذا أخبره مسلم مرضي لم يتوضأ به ويتيمم، ولو كان المخبر فاسقا أو مستورا تحرى، فإن كان أكبر رأيه أنه صادق يتيمم ولا يتوضأ به، وإن أراق الماء ثم تيمم كان أحوط، ومع العدالة يسقط احتمال الكذب فلا معنى للاحتياط بالإراقة، أما التحري فمجرد ظن. ولو كان أكبر رأيه أنه كاذب يتوضأ به ولا يتيمم لترجح جانب الكذب بالتحري، وهذا جواب الحكم. فأما في الاحتياط فيتيمم بعد الوضوء لما قلنا. ومنها الحل والحرمة إذا لم يكن فيه زوال الملك، وفيها تفاصيل وتفريعات ذكرناها في كفاية المنتهى.

قال: "ومن دعي إلى وليمة أو طعام فوجد ثمة لعبا أو غناء فلا بأس بأن يقعد ويأكل" قال أبو حنيفة رحمه الله: ابتليت بهذا مرة فصبرت. وهذا لأن إجابة الدعوة سنة. قال عليه الصلاة والسلام: "من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم" فلا يتركها لما اقترن بها من البدعة من غيره، كصلاة الجنازة واجبة الإقامة وإن حضرتها نياحة، فإن قدر على المنع منعهم، وإن لم يقدر يصبر، وهذا إذا لم يكن مقتدى به، فإن كان مقتدى ولم يقدر على منعهم يخرج ولا يقعد؛ لأن في ذلك شين الدين وفتح باب المعصية على المسلمين، والمحكي عن أبي حنيفة رحمه الله في الكتاب كان قبل أن يصير مقتدى به، ولو كان ذلك على المائدة لا ينبغي أن يقعد، وإن لم يكن مقتدى لقوله تعالى: {فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام:٦٨] وهذا كله بعد الحضور، ولو علم قبل الحضور لا يحضر؛ لأنه لم يلزمه حق الدعوة، بخلاف ما إذا هجم عليه؛ لأنه قد لزمه، ودلت المسألة على أن الملاهي كلها حرام حتى التغني بضرب القضيب. وكذا قول أبي حنيفة رحمه الله ابتليت، لأن الابتلاء بالمحرم يكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>