قال:"ومن باع ملك غيره بغير أمره فالمالك بالخيار، إن شاء أجاز البيع؛ وإن شاء فسخ" وقال الشافعي رحمه الله: لا ينعقد لأنه لم يصدر عن ولاية شرعية لأنها بالملك أو بإذن المالك وقد فقدا، ولا انعقاد إلا بالقدرة الشرعية. ولنا أنه تصرف تمليك وقد صدر من أهله في محله فوجب القول بانعقاده، إذ لا ضرر فيه للمالك مع تخييره، بل فيه نفعه حيث يكفي مؤنة طلب المشتري وقرار الثمن وغيره، وفيه نفع العاقد لصون كلامه عن الإلغاء، وفيه نفع المشتري فثبت للقدرة الشرعية تحصيلا لهذه الوجوه، كيف وإن الإذن ثابت دلالة لأن العاقل يأذن في التصرف النافع.
قال:"وله الإجازة إذا كان المعقود عليه باقيا والمتعاقدان بحالهما" لأن الإجازة تصرف في العقد فلا بد من قيامه وذلك بقيام العاقدين والمعقود عليه. وإذا أجاز المالك كان الثمن مملوكا له أمانة في يده بمنزلة الوكيل، لأن الإجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة، وللفضولي أن يفسخ قبل الإجازة دفعا للحقوق عن نفسه، بخلاف الفضولي في النكاح لأنه معبر محض، هذا إذا كان الثمن دينا، فإن كان عرضا معينا إنما تصح الإجازة إذا كان العرض باقيا أيضا. ثم الإجازة إجازة نقد لا إجازة عقد حتى يكون العرض الثمن مملوكا للفضولي، وعليه مثل المبيع إن كان مثليا أو قيمته إن لم يكن مثليا، لأنه شراء من وجه والشراء لا يتوقف على الإجازة. ولو هلك المالك لا ينفذ بإجازة الوارث في الفصلين لأنه توقف على إجازة المورث لنفسه فلا يجوز بإجازة غيره. ولو أجاز المالك في حياته ولا يعلم حال المبيع جاز البيع في قول أبي يوسف رحمه الله أولا، وهو قول محمد رحمه الله لأن الأصل بقاؤه، ثم رجع أبو يوسف رحمه الله وقال: لا يصح حتى يعلم قيامه عند الإجازة لأن الشك وقع في شرط الإجازة فلا يثبت مع الشك.
قال:"ومن غصب عبدا فباعه وأعتقه المشتري ثم أجاز المولى البيع فالعتق جائز" استحسانا، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد رحمهم الله: لا يجوز لأنه لا عتق بدون الملك، قال عليه الصلاة والسلام:"لا عتق فيما لا يملك ابن آدم" والموقوف لا يفيد الملك، ولو ثبت في الآخرة يثبت مستندا وهو ثابت من وجه دون وجه، والمصحح للإعتاق الملك الكامل لما روينا، ولهذا لا يصح أن يعتق الغاصب ثم يؤدي الضمان، ولا أن يعتق المشتري والخيار للبائع ثم يجيز البائع ذلك، وكذا لا يصح بيع المشتري من الغاصب فيما نحن فيه مع أنه أسرع نفاذا حتى نفذ من الغاصب إذا أدى الضمان