"الإجارة: عقد على المنافع بعوض" لأن الإجارة في اللغة بيع المنافع، والقياس يأبى جوازه؛ لأن المعقود عليه المنفعة وهي معدومة، وإضافة التمليك إلى ما سيوجد لا يصح إلا أنا جوزناه لحاجة الناس إليه، وقد شهدت بصحتها الآثار وهو قوله عليه الصلاة والسلام:"أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" وقوله عليه الصلاة والسلام: "من استأجر أجيرا فليعلمه أجره" وتنعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة، والدار أقيمت مقام المنفعة في حق إضافة العقد إليها ليرتبط الإيجاب بالقبول، ثم عمله يظهر في حق المنفعة ملكا واستحقاقا حال وجود المنفعة. "ولا تصح حتى تكون المنافع معلومة، والأجرة معلومة" لما روينا، ولأن الجهالة في المعقود عليه وبدله تفضي إلى المنازعة كجهالة الثمن والمثمن في البيع "وما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون أجرة في الإجارة"؛ لأن الأجرة ثمن المنفعة، فتعتبر بثمن المبيع. وما لا يصلح ثمنا يصلح أجرة أيضا كالأعيان. فهذا اللفظ لا ينفي صلاحية غيره؛ ل أنه عوض مالي "والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور، للسكنى والأرضين للزراعة فيصح العقد على مدة معلومة أي مدة كانت"؛ لأن المدة إذا كانت معلومة كان قدر المنفعة فيها معلوما إذا كانت المنفعة لا تتفاوت. وقوله أي مدة كانت إشارة إلى أنه يجوز طالت المدة أو قصرت لكونها معلومة ولتحقق الحاجة إليها عسى، إلا أن في الأوقاف لا تجوز الإجارة الطويلة كي لا يدعي المستأجر ملكها وهي ما زاد على ثلاث سنين هو المختار.
قال:"وتارة تصير معلومة بنفسه كمن استأجر رجلا على صبغ ثوبه أو خياطته أو استأجر دابة؛ ليحمل عليها مقدارا معلوما أو يركبها مسافة سماها"؛ لأنه إذا بين الثوب ولون الصبغ وقدره وجنس الخياطة والقدر المحمول وجنسه والمسافة صارت المنفعة معلومة فيصح العقد، وربما يقال: الإجارة قد تكون عقدا على العمل كاستئجار القصار والخياط، ولا بد أن يكون العمل معلوما وذلك في الأجير المشترك، وقد تكون عقدا على المنفعة كما في أجير الوحد، ولا بد من بيان الوقت.
قال: "وتارة تصير المنفعة معلومة بالتعيين والإشارة كمن استأجر رجلا، لينقل له هذا