قال:"وإن اختلف الشفيع والمشتري في الثمن فالقول قول المشتري"؛ لأن الشفيع يدعي استحقاق الدار عليه عند نقد الأقل وهو ينكر والقول قول المنكر مع يمينه، ولا يتحالفان؛ لأن الشفيع إن كان يدعي عليه استحقاق الدار فالمشتري لا يدعي عليه شيئا لتخيره بين الترك والأخذ ولا نص هاهنا، فلا يتحالفان.
قال:"ولو أقاما البينة فالبينة للشفيع عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: البينة بينة المشتري؛ لأنها أكثر إثباتا" فصار كبينة البائع والوكيل والمشتري من العدو. ولهما أنه لا تنافي بينهما فيجعل كأن الموجود بيعان، وللشفيع أن يأخذ بأيهما شاء وهذا بخلاف البائع مع المشتري؛ لأنه لا يتوالى بينهما عقدان إلا بانفساخ الأول وهاهنا الفسخ لا يظهر في حق الشفيع وهو التخريج لبينة الوكيل؛ لأنه كالبائع والموكل كالمشتري منه، كيف وأنها ممنوعة على ما روي عن محمد رحمه الله.
وأما المشتري من العدو فقلنا ذكر في السير الكبير أن البينة بينة المالك القديم. فلنا أن نمنع وبعد التسليم نقول: لا يصح الثاني هنالك إلا بفسخ الأول، أما هاهنا فبخلافه، ولأن بينة الشفيع ملزمة وبينة المشتري غير ملزمة والبينات للإلزام.
قال:"وإذا ادعى المشتري ثمنا وادعى البائع أقل منه ولم يقبض الثمن أخذها الشفيع بما قاله البائع وكان ذلك حطا عن المشتري"؛ وهذا لأن الأمر إن كان على ما قال البائع فقد وجبت الشفعة به، وإن كان على ما قال المشتري فقد حط البائع بعض الثمن، وهذا الحط يظهر في حق الشفيع على ما نبين إن شاء الله تعالى، ولأن التملك على البائع بإيجابه فكان القول قوله في مقدار الثمن ما بقيت مطالبته فيأخذ الشفيع بقوله.
قال:"ولو ادعى البائع الأكثر يتحالفان ويترادان، وأيهما نكل ظهر أن الثمن ما يقوله الآخر فيأخذها الشفيع بذلك، وإن حلفا يفسخ القاضي البيع على ما عرف ويأخذها الشفيع بقول البائع"؛ لأن فسخ البيع لا يوجب بطلان حق الشفيع.
قال:"وإن كان قبض الثمن أخذ بما قال المشتري إن شاء ولم يلتفت إلى قول البائع"؛ لأنه لما استوفى الثمن انتهى حكم العقد، وخرج هو من البين وصار هو كالأجنبي وبقي الاختلاف بين المشتري والشفيع، وقد بيناه. ولو كان نقد الثمن غير ظاهر فقال البائع بعت الدار بألف وقبضت الثمن يأخذها الشفيع بألف؛ لأنه لما بدأ بالإقرار بالبيع تعلقت الشفعة به، فبقوله بعد ذلك قبضت الثمن يريد إسقاط حق الشفيع فيرد عليه. ولو قال قبضت الثمن