"قال أبو حنيفة: المساقاة بجزء من الثمر باطلة، وقالا: جائزة إذا ذكر مدة معلومة وسمى جزءا من الثمر مشاعا" والمساقاة: هي المعاملة والكلام فيها كالكلام في المزارعة. وقال الشافعي رحمه الله: المعاملة جائزة، ولا تجوز المزارعة إلا تبعا للمعاملة لأن الأصل في هذا المضاربة، والمعاملة أشبه بها لأن فيه شركة في الزيادة دون الأصل. وفي المزارعة لو شرطا الشركة في الربح دون البذر بأن شرطا رفعه من رأس الخارج تفسد، فجعلنا المعاملة أصلا، وجوزنا المزارعة تبعا لها كالشرب في بيع الأرض والمنقول في وقف العقار، وشرط المدة قياس فيها لأنها إجارة معنى كما في المزارعة. وفي الاستحسان: إذا لم يبين المدة يجوز ويقع على أول ثمر يخرج، لأن الثمر لإدراكها وقت معلوم وقلما يتفاوت ويدخل فيما ما هو المتيقن، وإدراك البذر في أصول الرطبة في هذا بمنزلة إدراك الثمار، لأن له نهاية معلومة فلا يشترط بيان المدة، بخلاف الزرع لأن ابتداءه يختلف كثيرا خريفا وصيفا وربيعا، والانتهاء بناء عليه فتدخله الجهالة، وبخلاف ما إذا دفع إليه غرسا قد علق ولم يبلغ الثمر معاملة حيث لا يجوز إلا ببيان المدة لأنه يتفاوت بقوة الأراضي وضعفها تفاوتا فاحشا، وبخلاف ما إذا دفع نخيلا أو أصول رطبة على أن يقوم عليها أو أطلق في الرطبة تفسد المعاملة، لأنه ليس لذلك نهاية معلومة، لأنها تنمو ما تركت في الأرض فجهلت المدة.
قال:"ويشترط تسمية الجزء مشاعا" لما بينا في المزارعة إذ شرط جزء معين يقطع الشركة.
قال:"فإن سميا في المعاملة وقتا يعلم أنه لا يخرج الثمر فيها فسدت المعاملة" لفوات المقصود وهو الشركة في الخارج.
قال:"ولو سميا مدة قد يبلغ الثمر فيها وقد يتأخر عنها جازت" لأنا لا نتيقن بفوات المقصود.