اللقيط سمي به باعتبار مآله لما أنه يلقط والالتقاط مندوب إليه لما فيه من إحيائه وإن غلب على ظنه ضياعه فواجب.
قال:" اللقيط حر " لأن الأصل في بني آدم إنما هو الحرية وكذا الدار دار الأحرار ولأن الحكم للغالب " ونفقته في بيت المال " هو المروي عن عمر وعلي رضي الله عنهما ولأنه مسلم عاجز عن التكسب ولا مال له ولا قرابة فأشبه المقعد الذي لا مال له ولا قرابة ولأن ميراثه لبيت المال والخراج بالضمان ولهذا كانت جنايته فيه والملتقط متبرع في الإنفاق عليه لعدم الولاية إلا أن يأمره القاضي به ليكون دينا عليه لعموم الولاية.
قال:" فإن التقطه رجل لم يكن لغيره أن يأخذه منه " لأنه ثبت حق الحفظ له لسبق يده " فإن ادعى مدع أنه ابنه فالقول قوله " معناه إذا لم يدع الملتقط نسبه وهذا استحسان والقياس أن لا يقبل قوله لأنه يتضمن إبطال حق الملتقط وجه الاستحسان أنه إقرار للصبي بما ينفعه لأنه يتشرف بالنسب ويعير بعدمه ثم قيل يصح في حقه دون إبطال يد الملتقط وقيل يبتنى عليه بطلان يده ولو ادعاه الملتقط قيل يصح قياسا واستحسانا والأصح أنه على القياس والاستحسان وقد عرف في الأصل " وإن ادعاه اثنان ووصف أحدهما علامة في جسده فهو أولى به " لأن الظاهر شاهد له لموافقة العلامة كلامه وإن لم يصف أحدهما علامة فهو ابنهما لاستوائهما في السبب ولو سبقت دعوة أحدهما فهو ابنه لأنه ثبت حقه في زمان لا منازع له فيه إلا إذا أقام الآخر البينة لأن البينة أقوى.
" وإذا وجد في مصر من أمصار المسلمين أو في قرية من قراهم فادعى ذمي أنه ابنه ثبت نسبه منه وكان مسلما " وهذا استحسان لأن دعواه تضمن النسب وهو نافع للصغير وإبطال الإسلام ثابت بالدار وهو يضره فصحت دعوته فيما ينفعه دون ما يضره " وإن وجد في قرية من قرى أهل الذمة أو في بيعة أو كنيسة كان ذميا " وهذا الجواب فيما إذا كان الواجد ذميا رواية واحدة وإن كان الواجد مسلما في هذا المكان أو ذميا في مكان المسلمين اختلفت الرواية فيه ففي رواية كتاب اللقيط اعتبر المكان لسبقه وفي كتاب الدعوى في بعض النسخ