للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الإجارة على أحد الشرطين]

قال: "وإذا قال للخياط إن خطت هذا الثوب فارسيا فبدرهم، وإن خطته روميا فبدرهمين جاز، وأي عمل من هذين العملين عمل استحق الأجر به" وكذا إذا قال للصباغ إن صبغته بعصفر فبدرهم، وإن صبغته بزعفران فبدرهمين، وكذا إذا خيره بين شيئين بأن قال: آجرتك هذه الدار شهرا بخمسة أو هذه الدار الأخرى بعشرة، وكذا إذا خيره بين مسافتين مختلفتين بأن قال: آجرتك هذه الدابة إلى الكوفة بكذا أو إلى واسط بكذا، وكذا إذا خيره بين ثلاثة أشياء، وإن خيره بين أربعة أشياء لم يجز، والمعتبر في جميع ذلك البيع والجامع دفع الحاجة، غير أنه لا بد من اشتراط الخيار في البيع، وفي الإجارة لا يشترط ذلك؛ لأن الأجر إنما يجب بالعمل، وعند ذلك يصير المعقود عليه معلوما، وفي البيع يجب الثمن بنفس العقد فتتحقق الجهالة على وجه لا ترتفع المنازعة إلا بإثبات الخيار "ولو قال: إن خطته اليوم فبدرهم، وإن خطته غدا فبنصف درهم، فإن خاطه اليوم فله درهم، وإن خاطه غدا فله أجر مثله عند أبي حنيفة لا يجاوز به نصف درهم. وفي الجامع الصغير: لا ينقص من نصف درهم ولا يزاد على درهم. وقال أبو يوسف ومحمد: الشرطان جائزان".

قال زفر: الشرطان فاسدان؛ لأن الخياطة شيء واحد، وقد ذكر بمقابلته بدلان على البدل فيكون مجهولا، وهذا؛ لأن ذكر اليوم للتعجيل، وذكر الغد للترفيه فيجتمع في كل يوم تسميتان. ولهما أن ذكر اليوم للتأقيت. وذكر الغد للتعليق فلا يجتمع في كل يوم تسميتان؛ ولأن التعجيل والتأخير مقصود فنزل منزلة اختلاف النوعين. ولأبي حنيفة أن ذكر الغد للتعليق حقيقة. ولا يمكن حمل اليوم على التأقيت؛ لأن فيه فساد العقد لاجتماع الوقت والعمل، وإذا كان كذلك يجتمع في الغد تسميتان دون اليوم، فيصح اليوم الأول ويجب المسمى، ويفسد الثاني ويجب أجر المثل لا يجاوز به نصف درهم؛ لأنه هو المسمى في اليوم الثاني. وفي الجامع الصغير لا يزاد على درهم ولا ينقص من نصف درهم؛ لأن التسمية الأولى لا تنعدم في اليوم الثاني فتعتبر لمنع الزيادة وتعتبر التسمية الثانية لمنع النقصان، فإن خاطه في اليوم الثالث لا يجاوز به نصف درهم عند أبي حنيفة رحمه الله هو الصحيح؛ لأنه إذا لم يرض بالتأخير إلى الغد فبالزيادة عليه إلى ما بعد الغد أولى.

"ولو قال: إن سكنت في هذا الدكان عطارا فبدرهم في الشهر، وإن سكنته حدادا فبدرهمين جاز، وأي الأمرين فعل استحق الأجر المسمى فيه عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: الإجارة فاسدة، وكذا إذا استأجر بيتا على أنه إن سكن فيه عطارا فبدرهم وإن سكن فيه حدادا

<<  <  ج: ص:  >  >>