إن شاء الله تعالى وانقطاع الحبل من قلة اهتمامه فكان من صنيعه.
قال:"إلا أنه لا يضمن به بني آدم ممن غرق في السفينة أو سقط من الدابة وإن كان بسوقه وقوده"؛ لأن الواجب ضمان الآدمي. وأنه لا يجب بالعقد. وإنما يجب بالجناية ولهذا يجب على العاقلة، وضمان العقود لا تتحمله العاقلة.
قال:"وإذا استأجر من يحمل له دنا من الفرات فوقع في بعض الطريق فانكسر، فإن شاء ضمنه قيمته في المكان الذي حمله ولا أجر له، وإن شاء ضمنه قيمته في الموضع الذي انكسر وأعطاه الأجر بحسابه" أما الضمان فلما قلنا، والسقوط بالعثار أو بانقطاع الحبل وكل ذلك من صنيعه، وأما الخيار فلأنه إذا انكسر في الطريق، والحمل شيء واحد تبين أنه وقع تعديا من الابتداء من هذا الوجه. وله وجه آخر وهو أن ابتداء الحمل حصل بإذنه فلم يكن تعديا، وإنما صار تعديا عند الكسر فيميل إلى أي الوجهين شاء، وفي الوجه الثاني له الأجر بقدر ما استوفى، وفي الوجه الأول لا أجر له؛ لأنه ما استوفى أصلا.
قال:"وإذا فصد الفصاد أو بزغ البزاغ ولم يتجاوز الموضع المعتاد فلا ضمان عليه فيما عطب من ذلك. وفي الجامع الصغير: بيطار بزغ دابة بدانق فنفقت أو حجام حجم عبدا بأمر مولاه فمات فلا ضمان عليه" وفي كل واحد من العبارتين نوع بيان. ووجهه أنه لا يمكنه التحرز عن السراية لأنه يبتنى على قوة الطباع وضعفها في تحمل الألم فلا يمكن التقييد بالمصلح من العمل، ولا كذلك دق الثوب ونحوه مما قدمناه؛ لأن قوة الثوب ورقته تعرف بالاجتهاد فأمكن القول بالتقييد.
قال:"والأجير الخاص الذي يستحق الأجرة بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل كمن استؤجر شهرا للخدمة أو لرعي الغنم" وإنما سمي أجير وحد؛ لأنه لا يمكنه أن يعمل لغيره؛ لأن منافعه في المدة صارت مستحقة له والأجر مقابل بالمنافع، ولهذا يبقى الأجر مستحقا، وإن نقض العمل.
قال:"ولا ضمان على الأجير الخاص فيما تلف في يده ولا ما تلف من عمله" أما الأول فلأن العين أمانة في يده؛ لأنه قبض بإذنه، وهذا ظاهر عند أبي حنيفة، وكذا عندهما؛ لأن تضمين الأجير المشترك نوع استحسان عندهما لصيانة أموال الناس، والأجير الوحد لا يتقبل الأعمال فتكون السلامة غالبة فيؤخذ فيه القياس، وأما الثاني فلأن المنافع متى صارت مملوكة للمستأجر فإذا أمره بالتصرف في ملكه صح ويصير نائبا منابه فيصير فعله منقولا إليه كأنه فعل بنفسه فلهذا لا يضمنه، والله أعلم بالصواب.