" وإذا وقعت في البئر نجاسة نزحت وكان نزح ما فيها من الماء طهارة لها " بإجماع السلف ومسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار دون القياس " فإن وقعت فيها بعرة أو بعرتان من بعر الإبل أو الغنم لم تفسد الماء " استحسانا. والقياس أن تفسده لوقوع النجاسة في الماء القليل وجه الاستحسان أن آبار الفلوات ليست لها رؤوس حاجزة والمواشي تبعر حولها فتلقيها الريح فيها فجعل القليل عفوا للضرورة ولا ضرورة في الكثير وهو ما يستكثره الناظر إليه في المروي عن أبي حنيفة رحمه الله وعليه الاعتماد ولا فرق بين الرطب واليابس والصحيح والمنكسر والروث والخثى والبعر لأن الضرورة تشمل الكل وفي الشاة تبعر في المحلب بعرة أو بعرتين قالوا ترمى البعرة ويشرب اللبن لمكان الضرورة ولا يعفى القليل في الإناء على ما قيل لعدم الضرورة وعن أبي حنيفة رحمه الله له أنه كالبئر في حق البعرة والبعرتين " فإن وقع فيها خرء الحمام أو العصفور لا يفسده " خلافا للشافعي رحمه الله له أنه استحال إلى نتن وفساد فأشبه خرء الدجاج ولنا إجماع المسلمين على اقتناء الحمامات في المساجد مع ورود الأمر بتطهيرها واستحالته لا إلى نتن رائحة فأشبه الحمأة " فإن بالت فيها شاة نزح الماء كله عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله لا ينزح إلا إذا غلب على الماء فيخرج من أن يكون طهورا " وأصله أن بول ما يؤكل لحمه طاهر عنده نجس عندهما له أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر العرنيين بشرب ابوال الإبل وألبانها ولهما قوله عليه الصلاة والسلام " استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه " من غير فصل ولأنه يستحيل إلى نتن وفساد فصار كبول مالا يؤكل لحمه وتأويل ما روي أنه عليه الصلاة والسلام عرف شفاءهم فيه وحيا ثم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يحل شربه للتداوي ولا لغيره لأنه لا يتيقن بالشفاء فيه فلا يعرض عن الحرمة وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى يحل للتداوي للقصة وعند محمد يحل للتداوي وغيره لطهارته عنده، قال:" وإن ماتت فيها فأرة أو عصفورة أو صعوة أو سودانية أو سام أبرص نزح منها ما بين عشرين دلوا إلى ثلاثين بحسب كبر الدلو وصغرها " يعني بعد إخراج الفأرة لحديث أنس رضي الله عنه أنه قال في الفأرة إذا ماتت في البئر وأخرجت من ساعتها نزح منها عشرون دلوا والعصفورة ونحوها تعادل الفأرة في الجثة فأخذت حكمها والعشرون بطريق الإيجاب والثلاثون بطريق الاستحباب. قال:" فإن ماتت فيها حمامة أو نحوها كالدجاجة والسنور نزح منها ما بين أربعين دلوا إلى ستين وفي الجامع الصغير أربعون أو خمسون " وهو الأظهر، لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه