لأنه حضره رأي الأول وهو الشرط، وإذا فوض إليه يملكه فيصير الثاني نائبا عن الأصيل حتى لا يملك الأول عزله إلا إذا فوض إليه العزل هو الصحيح.
قال:"وإذا رفع إلى القاضي حكم حاكم أمضاه إلا أن يخالف الكتاب أو السنة أو الإجماع بأن يكون قولا لا دليل عليه. وفي الجامع الصغير: وما اختلف فيه الفقهاء فقضى به القاضي ثم جاء قاض آخر يرى غير ذلك أمضاه" والأصل أن القضاء متى لاقى فصلا مجتهدا فيه ينفذه ولا يرده غيره، لأن اجتهاد الثاني كاجتهاد الأول، وقد يرجح الأول باتصال القضاء به فلا ينقض بما هو دونه. "ولو قضى في المجتهد فيه مخالفا لرأيه ناسيا لمذهبه نفذ عند أبي حنيفة رحمه الله، وإن كان عامدا ففيه روايتان" ووجه النفاذ أنه ليس بخطأ بيقين، وعندهما لا ينفذ في الوجهين لأنه قضى بما هو خطأ عنده وعليه الفتوى، ثم المجتهد فيه أن لا يكون مخالفا لما ذكرنا. والمراد بالسنة المشهورة منها وفيما اجتمع عليه الجمهور لا يعتبر مخالفة البعض وذلك خلاف وليس باختلاف والمعتبر الاختلاف في الصدر الأول.
قال:"وكل شيء قضى به القاضي في الظاهر بتحريم فهو في الباطن كذلك عند أبي حنيفة رحمه الله" وكذا إذا قضى بإحلال، وهذا إذا كانت الدعوى بسبب معين وهي مسألة قضاء القاضي في العقود والفسوخ بشهادة الزور وقد مرت في النكاح.
قال:"ولا يقضي القاضي على غائب إلا أن يحضر من يقوم مقامه" وقال الشافعي رحمه الله: يجوز لوجود الحجة وهي البينة فظهر الحق. ولنا أن العمل بالشهادة لقطع المنازعة، ولا منازعة دون الإنكار ولم يوجد، ولأنه يحتمل الإقرار والإنكار من الخصم فيشتبه وجه القضاء لأن أحكامهما مختلفة، ولو أنكر ثم غاب فكذلك لأن الشرط قيام الإنكار وقت القضاء، وفيه خلاف أبي يوسف رحمه الله، ومن يقوم مقامه قد يكون نائبا بإنابته كالوكيل أو بإنابة الشرع كالوصي من جهة القاضي، وقد يكون حكما بأن كان ما يدعي على الغائب سببا لما يدعيه على الحاضر وهذا في غير صورة في الكتب، أما إذا كان شرطا لحقه فلا معتبر به في جعله خصما عن الغائب وقد عرف تمامه في الجامع. قال:"ويقرض القاضي أموال اليتامى ويكتب ذكر الحق" لأن في الإقراض مصلحتهم لبقاء الأموال محفوظة مضمونة، والقاضي يقدر على الاستخراج والكتابة ليحفظه
"وإن أقرض الوصي ضمن" لأنه لا يقدر على الاستخراج، والأب بمنزلة الوصي في أصح الروايتين لعجزه عن الاستخراج.