قال:"وإذا قتل جماعة واحدا عمدا اقتص من جميعهم" لقول عمر رضي الله عنه فيه: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم، ولأن القتل بطريق التغالب غالب، والقصاص مزجرة للسفهاء فيجب تحقيقا لحكمة الإحياء. "وإذا قتل واحد جماعة فحضر أولياء المقتولين قتل لجماعتهم ولا شيء لهم غير ذلك، فإن حضر واحد منهم قتل له وسقط حق الباقين" وقال الشافعي: يقتل بالأول منهم ويجب للباقين المال، وإن اجتمعوا ولم يعرف الأول قتل لهم وقسمت الديات بينهم، وقيل يقرع بينهم فيقتل لمن خرجت قرعته. له أن الموجود من الواحد قتلات والذي تحقق في حقه قتل واحد فلا تماثل، وهو القياس في الفصل الأول، إلا أنه عرف بالشرع. ولنا أن كل واحد منهم قاتل بوصف الكمال فجاء التماثل أصله الفصل الأول، إذ لو لم يكن كذلك لما وجب القصاص، ولأنه وجد من كل واحد منهم جرح صالح للإزهاق فيضاف إلى كل منهم إذ هو لا يتجزأ، ولأن القصاص شرع مع المنافي لتحقيق الإحياء وقد حصل بقتله فاكتفى به.
قال:"ومن وجب عليه القصاص إذا مات سقط القصاص" لفوات محل الاستيفاء فأشبه موت العبد الجاني، ويتأتى فيه خلاف الشافعي إذ الواجب أحدهما عنده.
قال:"وإذا قطع رجلان يد رجل واحد فلا قصاص على واحد منهما وعليهما نصف الدية" وقال الشافعي: تقطع يداهما، والمفرض إذا أخذ سكينا وأمره على يده حتى انقطعت له الاعتبار بالأنفس، والأيدي تابعة لها فأخذت حكمها، أو يجمع بينهما بجامع الزجر. ولنا أن كل واحد منهما قاطع بعض اليد، لأن الانقطاع حصل باعتماديهما والمحل متجزئ فيضاف إلى كل واحد منهما البعض فلا مماثلة، بخلاف النفس لأن الانزهاق لا يتجزأ، ولأن القتل بطريق الاجتماع غالب حذار الغوث، والاجتماع على قطع اليد من المفصل في حيز الندرة لافتقاره إلى مقدمات بطيئة فيلحقه الغوث.
قال:"وعليهما نصف الدية" لأنه دية اليد الواحدة وهما قطعاها. "وإن قطع واحد يميني رجلين فحضرا فلهما أن يقطعا يده ويأخذا منه نصف الدية يقسمانه نصفين سواء قطعهما معا أو على التعاقب" وقال الشافعي: في التعاقب يقطع بالأول، وفي القران يقرع لأن اليد استحقها الأول فلا يثبت الاستحقاق فيها للثاني كالرهن بعد الرهن، وفي القران اليد الواحدة لا تفي بالحقين فترجح بالقرعة. ولنا أنهما استويا في سبب الاستحقاق فيستويان في حكمه كالغريمين في التركة، والقصاص ملك الفعل يثبت مع المنافي فلا يظهر إلا في حق الاستيفاء. أما المحل فخلو عنه فلا يمنع ثبوت الثاني، بخلاف الرهن لأن الحق ثابت في