للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال السمين الحلبي متحدثاً عن هذه القراءة: "وأما القراءة الثانية (بَيْنُكم) ففيها ثلاثة أوجه، أحدها: أنه اتُّسع في هذا الظرفِ، فأُسند الفعل إليه فصار اسماً كسائر الأسماء المتصرف فيها". (١)

وأطال السمين في حديثه عن هذا الوجه، ثم ذكر الوجه الثاني قائلاً: "الثاني: أن (بَيْن) اسمٌ غير ظرف، وإنما معناها الوصل أي: لقد تَقَطَّع وصلكم، ثم للناس بعد ذلك عبارتان تؤذن بأنَّ (بَيْن) مصدر بانَ يَبِينُ بَيْناً بمعنى بَعُد، فيكون من الأضداد أي إنه مشترك اشتراكاً لفظياً؛ يُستعمل للوصل والفراق، ويُعْزى هذا لأبي عمرو (٢) وابن جني (٣) والمهدوي (٤) والزهراوي (٥)، وقال أبو عبيد (٦): وكان أبو عمرو يقول: معنى تقطَّع بينكم: تقطَّع وصلكم، فصارت هنا اسماً من غير أن يكون معها (ما) (٧).

وقال الزجاج: "والرفع أجود، ومعناه: لقد تقطَّع وَصْلُكم" اهـ (٨)، فقد أطلقوا هؤلاء أنَّ (بَيْن) بمعنى الوصل، والأصل في الإطلاق الحقيقة، إلا أنَّ ابن عطية طعن فيه، وزعم أنه لم يُسْمع من العرب (البَيْن) بمعنى الوصل، وإنما انتزع ذلك من هذه الآية، أو أنه


(١) الدر المصون (٥: ٥٢).
(٢) ينظر: إعراب القرآن، للنحاس (٢: ٢٢)، معاني القراءات، للأزهري (١: ٣٧١)، إبراز المعاني من حرز الأماني، لأبي شامة (ص: ٤٥٢).
(٣) ينظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات (٢: ١٩٠).
(٤) ينظر: شرح الهداية في القراءات السبع (١: ٢٨٤).
(٥) لم أجد ذلك في كتب الزهراوي المطبوعة.
(٦) القاسم بن سَلاَّم الهَرَوِيّ الأزْدِيّ الخُزاعِيّ مولاهم الخُراسانِي البغدادي، أبو عُبَيْد، الإمام، الحافظ، المجتهد، المقرئ، أخذ القراءة عرضًا وسماعًا عن علي الكسائي وشجاع بن أبي نصر وإسماعيل بن جعفر وغيرهم، وهو من كبار علماء الحديث والفقه والأدب، من مصنفاته: (فضائل القرآن) و (المقصور والممدود) و (غريب الحديث) و (الناسخ والمنسوخ)، توفي سنة ٢٢٤ هـ. ينظر: تاريخ العلماء النحويين، للتنوخي (ص: ١٩٧)، تاريخ بغداد، للبغدادي (١٤: ٣٩٢)، نزهة الألباء في طبقات الأدباء، للأنباري (ص: ١٠٩)، غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري (٢: ١٨).
(٧) لم أجد ذلك في كتب أبي عبيد المطبوعة.
(٨) معاني القرآن وإعرابه (٢: ٢٧٣).

<<  <   >  >>