للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣. بإثبات صحتها من الناحية النحوية (١).

ثالثاً: حكم هذه القراءة:

الصواب أن قراءة ابن عامر صحيحة نقلاً ولغة -كما قال السمين-، والراجح جواز الفصل بين المتضايفين بالمفعول؛ لوجوده في هذه القراءة المتواترة المنسوبة إلى العربي المحض ابن عامر، الذي أخذ القرآن عن الصحابة قبل أن يظهر اللحن في اللسان العربي (٢).

وقراءة ابن عامر مؤيدة بقراءة أخرى؛ فقد قرأ بعض السلف (٣): {فلا تحسبنَ الله مخلفَ وعدَه رسلِه} [إبراهيم: ٤٧] بنصب (وعدَه) وخفض (رسلِه). (٤)

وقد جاء ذلك في كلام العرب شعرًا (٥) ونثرًا (٦)، ومن الشواهد الدالة على صحة ما جاء في قراءة ابن عامر:


(١) ينظر: الدر المصون (٥: ١٦١ - ١٧٨).
(٢) ينظر: تفسير أبي حيان (٤: ٦٥٧)، النشر، لابن الجزري (٢: ٢٦٣).
(٣) قرأ الجمهور: {مخلف وعدِه رسلَه} بإضافة مخلف إلى وعده ونصب رسله، وقرأ جماعة (مخلف وعدَه رسلِه) بنصب وعده وجر رسله، ولم ينسبها أهل التفسير والقراءات لقارئ معين. ينظر: تفسير الزمخشري (٢: ٥٦٦)، تفسير ابن عطية (٣: ٣٤٦)، تفسير أبي حيان (٦: ٤٥٦)، النشر، لابن الجزري (٢: ٢٦٥)، فتح القدير، للشوكاني (٣: ١٤٢).
(٤) ينظر: إبراز المعاني، لأبي شامة (١: ٤٦٤)، النشر، لابن الجزري (٢: ٢٦٥)، الإتحاف، للدمياطي (ص: ٢٧٤).
(٥) كما في بيت الطرماح وأبي حية النميري السابق ذكرهما، وكما في البيت الذي أنشده بعض العلماء دون نسبة: نرى أسهماً للموت تُصْمي ولا تُنْمي ... ولا تَرْعوي عن نقضِ أهواؤنا العزمِ؛ الشاهد: "نقض أهواؤنا العزم" حيث فصل بين المضاف وهو "نقض" وبين المضاف إليه وهو "العزم" مع أن الفاعل متعلق بالمضاف، والتقدير: عن نقض العزم أهواؤنا. ينظر: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، للمرادي (٢: ٨٣٠)، الدر المصون، للسمين الحلبي (٥: ١٧٣).
(٦) في ثنايا الدراسة ذكرٌ لبعض الأقوال التي نقلت عن العرب وفيها فصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف وبغيره.

<<  <   >  >>