للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انتقال مِن الغيبة إلى الخطاب- على قراءة حفص- أو مواصلة للخطاب بعد أمر المخاطبين بالسجود - على قراءة الكسائي-، والقراءة بالياء على الغيبة كالضمائر التي قبلها (١).

قال مكي بن أبي طالب: "فأما قراءة حفص بالتاء فيهما فإنه حمله على الخطاب للمؤمنين والكافرين الذين تقدم ذكرهم على لفظ الغيبة، وحجة من قرأ بالياء أن الكلام قبله جرى على لفظ الغيبة، في قوله: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (٢٤) أَلَّا يَسْجُدُوا} [النمل: ٢٤ - ٢٥] فجرى (يخفون) و (يعلنون) على مثال ذلك في لفظ الغيبة، فصار آخر الكلام كأوَّلِه في الغيبة". اهـ (٢)

ولم يتعرض الجمهور إلى التمييز بين القراءتين من الجهة التي ذكرها ابنُ عطية.

وفي تفسيرهم لهذه الآية ذكروا أنها من كلام الهدهد، ويحتمل أن تكون من كلام الله ... -تعالى-، ثم إن بعض العلماء ساق الاحتمالين دون ترجيح كالفخر الرازي (٣)، وذهب أغلبهم إلى أنها مِن كلام الهدهد (٤).

قال الزمخشري: "وفي إخراج الخبء أمارةٌ على أنه من كلام الهدهد؛ لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض، وذلك بإلهام من يخرج الخبء في السماوات والأرض - جلّت قدرته-". اهـ (٥)


(١) ينظر: معاني القراءات، للأزهري (٢: ٢٣٩)، الحجة للقراء السبعة، للفارسي (٥: ٣٨٥)، حجة القراءات، لابن زنجلة (ص: ٥٢٨)، الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الهمذاني (٥: ٩٠)، إبراز المعاني من حرز الأماني، لأبي شامة (١: ٦٢٩)، تفسير أبي حيان (٨: ٢٣١)، الدر المصون (٨: ٦٠٥)، فتح القدير، للشوكاني (٤: ١٥٥).
(٢) الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها (٢: ١٥٨).
(٣) ينظر: تفسير الفخر الرازي (٢٤: ٥٥٣).
(٤) ينظر: الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (٨: ٥٤٠١)، تفسير الزمخشري (٣: ٣٦٢)، زاد المسير، لابن الجوزي (٣: ٣٥٩)، تفسير أبي حيان (٨: ٢٣٢)، الدر المصون (٨: ٦٠٦).
(٥) تفسير الزمخشري (٣: ٣٦٢).::

<<  <   >  >>