للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابنُ القيم (١): "وفي ذِكر الهدهدِ هذا الشأنَ من أفعال الرب - تعالى- بخصوصه إشعار بما خصه الله به من إخراج الماء المخبوء تحت الأرض" اهـ (٢)، فيفهم من قوله "وفي ذِكر الهدهد هذا الشأن من أفعال الرب -تعالى-" أنه يرى أن ما في الآية هو من كلام الهدهد.

والظاهر - والله أعلم- أن ما في الآية من كلام الهدهد في كلا القراءتين؛ بدلالة السياق، فما قبلها هو من كلام الهدهد: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (٢٤)} [النمل]، وما بعدها هو رد سليمان ... - عليه السلام- على الهدهد {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النمل: ٢٧]، وموضوع هذه الآيات هو الحوار الذي دار بين الهدهد وسليمان - عليه السلام-؛ فالأظهر أن الكلام الذي في الآية كلّه على لسان الهدهد.


(١) محمد بن أبي بكر بن أيوب الزُّرْعِيّ الدمشقيّ، شمس الدين، أبو عبد الله، المعروف بابن قيِّم الجوزية، الإمام، الأصولي، الفقيه، الحنبليّ، من تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، برع في علوم كثيرة، منها: أصول الدين، والتفسير، والحديث، والفقه وأصوله، واللغة، له مصنفات كثيرة، منها: (زاد المعاد) و (مفتاح دار السعادة) و (مدارج السالكين) و (إغاثة اللهفان) و (تفسير المعوذتين)، توفي سنة ٧٥١ هـ. ينظر: البداية والنهاية، لابن كثير (١٨: ٥٢٣)، ذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب الحنبلي (٥: ١٧٠)، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لابن حجر (٥: ١٣٧).
(٢) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (ص: ٧١).::

<<  <   >  >>