للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهب ابنُ عطية إلى أنّ قوله: {بَلْ تَأْتِيهِمْ} استدراك مقدر قبله نفي، والتقدير: إن الآيات (١) لا تأتي بحسب اقتراحهم بل تأتيهم بغتة.

ولم يوافقه السمينُ فيما ذهب إليه؛ إذ بناءً على قوله يكون التقدير: لا تأتيهم الآيات على حسب اقتراحهم، بل تأتيهم بغتة، فيكون المعنى: أن الآيات تأتيهم بغتة، وليس هذا هو المعنى المراد قطعاً، ولا يوافق ذلك ما نصّ عليه المفسرون في معنى الآية.

وما قاله ابن عطية مخالف لقول الجمهور؛ حيث ذهبوا إلى أنّ (بل) في الآية إضراب انتقالي (٢)، لا استدراك مقدر قبله نفي.

فـ (بل) في الآية للإضراب الانتقالي التوكيدي، وفائدتها: الانتقال من جملة إلى جملة أخرى أهم من الأولى. (٣)

وما بعد (بل) هنا مبين للآية السابقة: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [الأنبياء: ٣٩] وزائد عليها.

قال الفيروزأبادي: "وعلى هذا قوله: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ} إلى قوله: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً} أي: لو يعلمون ما يعلمون ما هو زائد على الأوّل، وأَعظم منه وهو أن تأتيهم بغتة". اهـ (٤)


(١) يريد الآيات المذكورة في قوله: (سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ) [الأنبياء: ٣٧].
(٢) ينظر: الدر المصون (٨: ١٦٠)، تفسير النيسابوري (٥: ٢٢)، التحرير والتنوير (١٧: ٧١)، الجدول في إعراب القرآن، لمحمود صافي (١٧: ٣١)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين درويش (٦: ٣١٠)، إعراب القرآن، لأحمد الدعاس (٢: ٢٨٦)، معجم حروف المعاني، لمحمد الشريف (ص: ٤٩٩).
(٣) ينظر: تفسير النيسابوري (٥: ٢٢)، معجم حروف المعاني، لمحمد الشريف (ص: ٤٩٩).
(٤) بصائر ذوي التمييز (٢: ٢٧٠).::

<<  <   >  >>