للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض المفسرين: هذا على طريقة قول من يجِدُّ في خدمة مولاه وهو يأمرُ بها غيرَه: أتستخدمُ العُصاةَ وأنا مجتهدٌ فيها (١)، كأنه قيل: أتستخلف مَن شأنُ ذريته الفسادُ مع وجود مَنْ ليس مِن شأنه ذلك أصلاً؟ (٢)

والمعنى: أعْلِمنا يا ربنا أجاعلٌ أنت في الأرض مَنْ هذه صفته، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك (٣).

وسؤالهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ} ... هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك (٤)، يقولون: يا ربنا، ما الحكمة في خَلْقِ هؤلاء مع أنَّ منهم مَن يُفسدُ في الأرض ويسفك الدماء، فإن كان المرادُ عبادَتك، فنحنُ نُسبِّحُ بحمدك ونقدِّسُ لكَ، ولا يصدر منّا شيءٌ من ذلك الإفساد، وهلاّ وقع الاقتصار علينا؟ فقالَ اللَّهُ مُجيبًا عن هذا السؤال: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}. (٥)

٢ - اللهُ - عزّ وجل- أخبرهم أنه سيجعل في الأرض خليفة، فما علاقة السؤال: أنحن نسبح أم نتغير؟ بذلك الخبر، بل السؤال في مثلِ هذه الحال عن الحكمة مِن ذلك مع اتصفاهم بالتسبيح والتقديس، أي: كيف تجعل خليفة يفسد وليس كحالنا في التسبيح والتقديس.


(١) ينظر: تفسير الزمخشري (١: ١٢٥)، تفسير البيضاوي (١: ٦٨).
(٢) ينظر: تفسير أبي السعود (١: ٨٢).
(٣) ينظر: تفسير الطبري (١: ٤٧٠).
(٤) ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١: ١٠٩)، تفسير الفخر الرازي (٢: ٣٩٢).
(٥) ينظر: تفسير ابن كثير (١: ٢١٦).::

<<  <   >  >>