للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي القرآن تُذكر (إذ) كثيرًا مقرونة بواو العطف مِن غير ذكر العامل فيها إذا كان الكلام في معرض تعداد النعم، وتكرار القصص، فيشير بالواو العاطفة إليه، كأنه مذكور في اللفظ؛ لعلم المخاطب بالمراد (١).

والراجح: أن العطف هنا هو عطْف القصة على القصة، لا مِن عطْفِ الظرفِ على الظرف -كما قال ابنُ عطية-، ولا هو مِن عطْفِ الجملة على الجملة، فالسياق يدل على عطف القصة على القصة، وهي نعمة أخرى جليلة عدّها - عز وجل- على عباده (٢)، حَقيقةٌ بالذكر والتذكيرِ على حِيالها (٣)، وسياق الآيات عبارة عن قصص متتالية.

قال ابن عاشور عن عطف القصة على القصة هنا: "ويؤيده أنها تُبتَدأ بها القصص العجيبة الدالة على قدرة اللَّهِ - تعالى-، ألا ترى أنها ذُكرت في قوله - تعالى-: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} ولم تُذكَر فيما بينهما، وتكون (إِذْ) اسم زمانٍ مفعولاً به بتقدير: اذكر، ونظيره كثيرٌ في القرآن، والمقصود مِن تعليق الذِّكر والقصة بالزمان إنَّما هو ما حصل في ذلك الزمان من الأحوال". اهـ (٤)

* * *


(١) ينظر: نتائج الفكر في النحو، للسُهَيلي (ص: ٢٠٦).
(٢) ينظر: تفسير البيضاوي (١: ٧٠)، تفسير الآلوسي (١: ٢٣٠).
(٣) ينظر: تفسير أبي السعود (١: ٨٧).
(٤) التحرير والتنوير (١: ٣٩٧).

<<  <   >  >>