للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضًا ضُعّف هذا القول بأنه يلزم منه حذفُ حرفِ الجرِ وإبقاءُ عملهِ، وذلك لا يجوز إلا في صورٍ ليس هذا منها، ونصَّ النحويون على أنه ضرورة (١).

٥ - أن جَرّ {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} بحذف المضاف، أي: وصدّ المسجدِ الحرام.

قاله: البيضاوي (٢)، وأعرض الجمهور عن ذكره.

وهو قول بعيد، ولا حاجة لتقدير مضاف محذوف في هذا الموضع.

والراجح أن قوله: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} معطوف على {سَبِيلِ اللَّهِ}، والمعنى: صدٌ عن سبيل الله والمسجد الحرام.

ولهذا القول عدة مرجحات: منها ما ذُكر مِن أن الفصل لم يكن بأجنبي؛ لأنّ الصدَّ عن سبيل الله والكفر به كالشيء الواحد في المعنى، وأن الفاصل {وَكُفْرٌ بِهِ} قد تقدم لفائدة.

ولأنّ الصد عن المسجد الحرام جاء في أكثر من موضع في القرآن، بخلاف الكفر بالمسجد الحرام فهذا لم يرد، قال - تعالى-: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} [المائدة: ٢]، وقال - تعالى-: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الأنفال: ٣٤]، وقال: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الفتح: ٢٥].


(١) ينظر: تفسير أبي حيان (٢: ٣٨٦)، الدر المصون (٢: ٣٩٧).
(٢) ينظر: تفسير البيضاوي (١: ١٣٧).

<<  <   >  >>