للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: الترجيح:

الراجح أنّ قوله: {طِينًا} منصوب بحذف حذف الجر (مِن)؛ بدليل التصريح بهذا الجار في آياتٍ أخرى، كقوله: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: ١٢]، وقوله: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [ص: ٧٦].

وقد نصّ جمهور المفسرين على أنّ معنى قوله: {لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} [الإسراء: ٦١]: لمن خلقته مِن طين (١).

ويجوز أن يكون قوله: {طِينًا} حال دالة على الأصالة (٢)، أي: متأصلاً مِن طين،

وهذا صحيح مِن ناحية الصناعة النحوية، وكذا مِن ناحية المعنى، فمعنى كونه متأصلاً مِن طين، أي: أصله وبداية خلقته مِن طين، وقد قال - تعالى-: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة: ٧].

أمّا القول بأنّ {طِينًا} منصوب على التمييز - وهو قول ابن عطية- فهو أضعف الأقوال (٣)؛ لأنه لم يتقدم إبهام ذات ولا نسبة -كما قال السمين-، فهذا الوجه ضعيف من


(١) ينظر: تفسير يحيى بن سلام (١: ١٤٧)، تفسير القرآن العزيز، لابن أبي زمنين (٣: ٢٩)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (٦: ٤٢٣٨)، تفسير البغوي (٣: ١٤٢)، تفسير القرطبي (١٠: ٢٨٧).
(٢) ينظر: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، للمرادي (٢: ٦٩٤)، أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، لابن هشام (٢: ٢٥٥)، جامع الدروس العربية، للغلاييني (٣: ٨٥).
(٣) ينظر: الدر المصون (٧: ٣٧٨)، تفسير الآلوسي (٨: ١٠٣)، أضواء البيان، للشنقيطي (٣: ١٦٦)، إعراب القرآن وبيانه، لمحيي الدين الدرويش (٥: ٤٦٧).

<<  <   >  >>