للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل البصرة لا معنويّ، اللهم إلاَّ أنْ يريدَ معنىً خاصاً يَفْسُدُ لهذا التقديرِ فيُحتاج إلى بيانه". ... اهـ (١)

وقد ذهب الكوفيون إلى أن الواو العاطفة يجوز أن تقع زائدة، واحتجوا بعدد من الأدلة، أمّا البصريون فقد ذهبوا إلى أنه لا يجوز أن تقع الواو العاطفة زائدة، وقد ناقش هذه المسألة عبد الرحمن الأنباري في (الإنصاف)، وردَّ على أدلة الكوفيين، وخلص إلى أنّ الواو فيما استشهدوا به مِن أدلة إنما هي عاطفة لا زائدة (٢).

فالسمين الحلبي ضعّف هذا القول من الناحية الصناعية، ولم يوافق ابن عطية في فساده من ناحية المعنى.

والصواب أن يُقال: حتى مع التسليم بأن المعنى على ذلك ليس بفاسد، فيبقى هذا القول على ضعفه؛ لأنه ليس له ما يقويه أو يشهد له، والواو في الأصل حرف وُضِعَ لمعنى؛ فلا يجوز أن يحكم بزيادته مهما أمكن أن يُجْرى على أصله، وقد أمكن هاهنا (٣).

وقد قال- تعالى- في مواضع أخرى: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الفتح: ٢٥]، وقال: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ١]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ} [محمد: ٣٢]، فالواو مثبتة في جميع هذه المواضع المشاكِلَة لما جاء في الآية موضع الاستدراك، مِمّا يُضعف القول بزيادتها.


(١) الدر المصون (٨: ٢٥٦).
(٢) ينظر: الإنصاف في مسائل الخلاف، للأنباري (٢: ٣٧٤ - ٣٧٧).
(٣) ينظر: المصدر السابق (٢: ٣٧٦).

<<  <   >  >>