للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الفاء هي الفاء (الفصيحة) (١) التي تُفصح عن محذوف، وتدل على ما نشأ عنه، فهذه الفاء يُؤتى بها للإفصاح عن كلام مُقدر مستفاد من كلام سابق عليها (٢).

ومثالها: ما جاء في قوله -تعالى-: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤]، فالفاء في قوله: {فَعِدَّةٌ} أفصحت عن شرط محذوف، فكأنها رابطة لجواب الشرط المحذوف، والتقدير: فأفطر فعدة مِن أيامٍ أُخَر (٣)، ومثل هذا التقدير لابد منه؛ لأن العدة لا تكون إلا لمَن أفطر.

وكذا في قوله: {فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ}، والمقدّر هنا هو حصول الغرق.

وعليه: فاستدراك السمين الحلبيّ على ابن عطية في محله؛ لأنّ جعْل الفاء استئنافية فيه قطع للكلام، والفاء ظاهرة في تعلِّق ما بعدها بما قبلها.

* * *


(١) ينظر: معجم حروف المعاني، لمحمد الشريف (ص: ٧٣٢).
(٢) ينظر: الكليات، للكفوي (ص: ٦٧٦)، دستور العلماء، للقاضي النكري (٣: ١١)، معجم حروف المعاني، لمحمد الشريف (ص: ٦٨٢).
(٣) ينظر: تفسير الطبري (٣: ٤٥٧)، التفسير الوسيط، للواحدي (١: ٢٧٣)، تفسير السمعاني (١: ١٧٩)، تفسير البغوي (١: ٢١٥).

<<  <   >  >>