للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: الفرق بين (الريح) و (الرياح):

(الريح) بالإفراد على إرادة الجنس، وبالجمع (الرياح) لأنها مختلفة المجاري والمنافع.

فيُقال في الرحمة (رياح)؛ لتعددها، فهي الجنوب، والشمال، والصَّبا، أمّا ريح العذاب فهي واحدة شديدة ملتئمة الأجزاء كأنها جسم واحد (١).

قال القرطبي: "مَن وَحَّد الرِّيحَ فلأنّه اسمٌ للجنس يدل على القليل والكثير، ومَن جمعَ فلاختلاف الجهات تَهُبُّ منها الرياح". اهـ (٢)

وقال ابنُ القيم: "يخبر الله -سُبحانه- عَن ريَاح الرحمة بصيغة الجمع لاختلاف منافعها وما يحدث منها؛ فريح تثير السَّحاب، وريح تلقحه، وريح تحمله على متونها، وريح تغذى النَّبات، ولماّ كانت الرِّياح مختلفة في مهابها وطبائعها جعل لكل ريح ريحًا مقابلتها تكسر سورتها وحِدَّتها، وَيبقى لينها ورحمتها، فرياح الرحمة مُتعدِّدة.

وأمّا ريح العذاب فإنه ريح واحدة ترسل من وجه واحد لإهلاك ما ترسل بإهلاكه، فلا تقوم لها ريح أخرى تقابلها وتكسر سَوْرَتهَا وتدفع حدَّتها، بل تكون كالجيش العظيم الذي لا يقاومه شيء؛ يدمر كل ما أتى عليه". اهـ (٣)


(١) ينظر: معاني القرآن، للنحاس (٥: ٣٤)، الحجة في القراءات السبع، لابن خالويه (ص: ٩١)، تفسير ابن فورك (١: ١٩٩)، المحرر الوجيز (١: ٢٣٣)، الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الهمذاني (١: ٤٢٤)، إبراز المعاني من حرز الأماني، لأبي شامة (ص: ٣٤٨)، تفسير القرطبي (٢: ١٩٨)، تفسير أبي حيان (٢: ٨٢).
(٢) تفسير القرطبي (٢: ١٩٨).
(٣) مفتاح دار السعادة (١: ٢٠١).

<<  <   >  >>