للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن رجّح هذا المعنى: الزجّاج (١)، والفخر الرازي (٢)، والقرطبي (٣)، والسمين (٤)، والآلوسي (٥).

أمّا ما قاله ابنُ عطية بأنّ القرن يكون بوفاة الأشياخ وولادة الأطفال بدليل {وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ}: فهذا لا يساعده على ما ذهب إليه، وليس المراد بالإنشاء في {وَأَنْشَأْنَا} وفاة الأشياخ وولادة الأطفال؛ لأن ذلك أمر مستمر في البشر، وليس فيه عظة ولا تهديد، ولكن العبرة في أنْ يُهلك الله قوماً ثم يُنشئ من بعدهم قوماً آخرين فيهم الصغير والكبير، كما أنشأ قريشًا في ديار جُرْهم، وكما أنشأ ثمودًا بعدَ عاد (٦).

فالذي يظهر أن معنى إهلاك القرن: إهلاك أمة مِن الأمم، عاشوا زمناً لا يُشترط فيه وفاة الأشياخ وولادة الأطفال، بل يُهلكهم الله إذا شاء متى شاء وإن لم يُتوفى شيوخهم ويولد أطفالهم.

والقولُ بأن القرن في الآية هو الزمن قولٌ ضعيف؛ فإن الإهلاك لا يقع على الزمن نفسه بل على القوم الذين هم في ذلك الزمن، فالذين قالوا هو الزمن اضطروا إلى تقدير مضاف، فالتقدير عندهم: كم أهلكنا من قبلهم مِن أهل قرن، وهذا كله تكلف لا حاجة إليه.


(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه (٢: ٢٢٩).
(٢) ينظر: تفسير الفخر الرازي (١٢: ٤٨٤).
(٣) ينظر: تفسير القرطبي (٦: ٣٩١).
(٤) ينظر: الدر المصون (٤: ٥٣٩).
(٥) ينظر: تفسير الآلوسي (٤: ٨٩).
(٦) ينظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (٧: ١٤٠).

<<  <   >  >>