(٢) هذا الوصف - أعني بالجزع - لا يخلو من مبالغة - قد تكون غير مقصودة -؛ إذ أن الجزع في اللغة هو انعدام الصبر وضعف المرء عن تحمل ما ينزل به، وكل ذلك لم يكن، وأبو بكر كان لا يرضى بأن يُقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعيش هو، بل كان يختار مسارعاً أن يفديه بنفسه وأهله وماله، وكان مشفقاً على النبي صلى الله عليه وسلم أن يشعر به المشركون، فيصيبوه بمضرّة، أو يرجعوه إلى مكة، وقد أخرج الإمام أحمد في فضائل الصحابة (١ / ٧٤ رقم: ٢٢) بسند صحيح إلى ابن أبي مليكة - وهو تابعي فقيه ثقة رأى ثمانين من الصحابة - قال: (لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم خرج معه أبو بكر فأخذ طريق ثور، فجعل أبو بكر يمشي خلفه ويمشي أمامه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما لك؟)) قال: يا رسول الله أخاف أن تؤتى من خلفك فأتأخر، وأخاف أن تؤتى من أمامك فأتقدم، قال: فلما انتهينا إلى الغار قال أبو بكر: يا رسول الله كما أنت حتى أقمه. .) إلخ.