للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل هذه العداوة.

ولو كانوا يقفون عند حد تفضيل علي على أبي بكر والقول بأنه كان أحق بالخلافة منه لهان الأمر، وأمكن أن يتحدوا مع أهل السنة الذين يعذرونهم باعتقادهم هذا إذا لم يترتب عليه ضرر، ويعتصموا بحبل الله ولا يتفرقوا هذا التفرق ولا يتعادوا هذا التعادي اللذين أضعفا الإسلام وأهله ومزقا ملكه كل ممزق، حتى استذل الأجانب أكثر أهله، وهم لا يزالوان يشغلون المسلمين بالتعادي على ما مضي من التنازع في مسألة الخلافة، ويؤلفون الكتب والرسائل في القدح في الصحابة. وياليتهم يطلبون إعادة الخلافة لأهل البيت وتجديدها لإقامة دين الله وإعادة مجد الإسلام وسيادته، فإن أهل السنة لا يختلفون في أن آلَ البيتِ على أصحِّ بطونِ قريشٍ أنسابا، وأكرمها أحسابا وأن الخلافة في قريش، فإن وجد فيهم من تجتمع فيه سائر شروطها ويرضاه أهل الحل والعقد من الأمة فهو أولى من غيره.

كلا إنهم ينتظرون تجديد الإسلام وإقامته بظهور المهدي (١) ، وعامة المسلمين ينتظرونه معهم، فليكتفوا بهذا ويكفوا عن تأليف الكتب في


(١) تقدم في موضع سابق ذكر ما نقله القوم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: (يقوم القائم بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد) (البحار ٥٢/٣٥٤) ، (غيبة النعماني ١٥٤) ، وقال أبو عبد الله عليه السلام: (لكأني انظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد) (البحار ٥٢/١٣٥) ، (الغيبة ١٧٦) . وانظر: تاريخ ما بعد الظهور لمحمد الصدر ص٦٣٧، ٦٣٨.
وقد جَمَعَ الكليني خمس روايات في كتابه "الكافي" وصاغ لها بابًا مستقلا سماه بالنص: (باب في الأئمة عليهم السلام أنهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود، ولا يسألون البينة عليهم السلام والرحمة. ٩٥ - والرضوان) . الأصول / كتاب الحجة. الشافي / الحجة / رقم الباب ١٥٤، وثلاث روايات منها موثقة أو حسنة كما قال محقق الكتاب، وكل روايات الباب تفيد أن مهدي الاثنى عشرية المنتظر يحكم بحكم آل داود!
وهذا مما يثير الاستنكار الشديد؛ إذ كيف يؤمر اليهود بأمر من الله تعالى في القرآن باتباع رسول الله، ثم يأتي الكليني ويجعل الإمام الثاني عشر فيما إذا حكم وهو من أتباع رسول الله تابعًا لنبي من أنبياء اليهود؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>