للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: ((صدقت يا حسان، هو كما قلتَ)) . (١)

(الثانية) : أنه صلى الله عليه وسلم رضي أن تكون نفقة هذه الرحلة من مال أبي بكر الذي أنفق جميع ماله في خدمته صلى الله عليه وسلم، إلا أنه أحب أن تكون الراحلة التي ركبها بالثمن يدفعه بعد ذلك.

وتقدم ما قاله بعض العلماء في تعليل ذلك، وفي صحيح البخاري [٣٦٦١] أن عمر بن الخطاب غضب من أبي بكر رضي الله عنه في محاورة بينهما، فطلب منه أبو بكر أن يغفر له فأبى، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((يغفر الله لك يا أبا بكر)) ثلاثا.

قال الراوي - وهو أبو الدرداء رضي الله عنه -: ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فقال: أَثَمَّ أبو بكر؟

فقالوا: لا.

فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فجعل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمعر (٢) حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبته فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم -


(١) وأخرجه ابن سعد في الطبقات (٢ / ١٧٤) ، واين النجار في الذيل على تاريخ بغداد (٢ / ٨٨ - ٨٩) ، ديوان حسان بن ثابت (١/١٧) من طريق الزهري.
وذكره ابن الضياء في تاريخ مكة المشرفة معلَّقاً عن غالب بن عبد الله عن أبيه عن جده أنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت: ... )) . وذكر الحديث مع البيتين.
(٢) مَعَرَ الوجه وتَمَعَّر بالتشديد للتكثير أو التدريج: تغير من الغيظ حتى خاف أبو بكر أن يكلم عمر كلاماً شديدًا. (ر)

<<  <  ج: ص:  >  >>