وخلاصة المعنى الذي يدل عليه عطف إنزال السكينة بـ (ثم) الدال على تأخيره عن تولى الأدبار:
أن الاضطراب المنافي للسكينة - بانهزام الطلقاء - كان عاماً؛ إذ تبعه انهزام السواد الأعظم على غير هدى، وهو أمر طبيعي في مثل هذه الحال، فإن اختلف سببه فقد اتفق المآل.
فالجيش اضطرب لهزيمة عدد كثير منه، والرسول صلى الله عليه وسلم اضطرب باله حزنا على المسلمين، ثم بعد أن تمت حكمة الله في ابتلائهم بذلك أنزل سكينته على رسوله، فأمر عمه العباس بنداء المهاجرين والأنصار، فناداهم فاستجابوا لله وللرسول صلى الله عليه وسلم إذ أنزل الله السكينة عليهم بدعوته والعلم بمكانه.
إن الرافضي عمد بعد أن ذكر مجمل القصة بما وافق هواه من نقل، وما مزجه به من تأويل باطل، إلى تحريف الآيتين في هذه الغزوة، فزعم أنها توبيخ لجميع الصحابة رضي الله عنهم ما عدا الذين ثبتوا وهم في زعمه ثلاثة بل واحد في الحقيقة، وخص أصحاب بيعة الرضوان بالذكر، بل بالذم المقتضى للكفر.