للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل طائفة من الأخبار كالآيات على نِحْلَتِهَا لاحتمال الألفاظ لذلك بالتأويل الذي هم فرسان ميدانه.

٢ - إنه عرَّف السنة بقوله: (السنة قول المعصوم أو فعله أو تقريره)

ويتوهم من لا يعرف عقائدهم أن هذا التعريف موافق لما عليه علماء أصول الفقه من أهل السنة أنها أقوال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته، بناء على اعتقادهم أنه هو المعصوم في هذه الأمة؛ إذ لا عصمة عند أهل السنة لأحد من البشر إلا الأنبياء عليهم السلام، ولكن الشيعة يقولون بعصمة أئمة أهل البيت، ويقولون بأن العصر لا يخلو من معصوم كما صرَّح العاملي به في تعريف الإجماع من كتابه هذا. (١)

وليعلم القراء أن السنة المُرَادة بقول العلماء (أهل السنة والجماعة) في مقابلة أهل البدع كالروافض والجهمية هي السيرة العملية التي كان عليها المسلمون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وصدر الإسلام قبل ظهور البدع، ومن ذلك قول علي كرم الله وجهه لابن عباس رضي الله عنهم حين أرسله لمُحَاجَّة الخوارج: (احملهم على السنة، فإن


(١) الإجماع عند الشيعة ليس بحجة بذاته، بل بسبب وجود المعصوم، أو لأنه ((كاشف عن قول المعصوم بطريق الحدس)) كما يقول الهمداني في مصباح الفقيه ص ٤٣٦، وهذا إنكار لحجية الإجماع على الحقيقة، بل هو فضول من القول؛ لأنه لا داعي للإجماع عند وجود قول المعصوم الذي لا يخلو منه كل زمان!
والشيعة يعتقدون أنه لا يغني معصوم عن آخر ولذلك لم تنقطع العصمة بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - لاحتياج الخلق دائماً وأبداً إلى معصوم يخلفه، إلا أن هذا الاعتقاد أوقعهم في إشكالات حتى في الفقه؛ فإن هذا الاعتقاد يوجب على الإمامية أن يأخذوا بفقه إمام زمانهم دون سواه، وإمام الزمان الآن- حسب اعتقادهم - هو المهدي. فأين هو فقه المهدي؟ بل أين فقه الحسن أبيه؟ أو فقه علي الرضا؟ أو أبيه موسى؟ وأين فقه بقية (الإئمة) ؟
لماذا توقفوا عند فقه جعفر دون سواه فسموا أنفسهم بالجعفرية وسموا فقههم بالجعفري؟! أليس بموت جعفر يجب الانتقال إلى الإمام الذي يليه والأخذ بقوله؟ فإن كان فقه جعفر يغني عن فقه الذي بعده فما وجه الحاجة إلى (إمام) من بعده؟ وإن كان لا يغني فعلام التوقف عنده؟ وما هذا الاهتمام به دون سواه؟ إلى حد أنه لا يوجد عندهم من أقوال لأي (إمام) بعده (بل ولا قبله) ما يمكن أن يشكل مذهباً! انظر: أسطورة المذهب الجعفري.

<<  <  ج: ص:  >  >>