للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروايات فنؤمن بها ولا نتوهم ولا يقال (كيف) ، كذا جاء عن مالك وابن عيينة وابن المبارك أنهم أَمَرُّوهَا بلا كيف (١) ، وهذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكروها وقالوا: هذا تشبيه، وقال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه لو قيل: يد كيد وسمع كسمع (٢)) ) .

وقال في تفسير المائدة [٣٠٤٥] ((قال الأئمة: نؤمن بهذا الحديث من غير تفسير، منهم الثوري ومالك وابن عيينة وابن المبارك)) .

وقال ابن عبد البر [التمهيد ٧ / ١٤٥ ط: المغرب، بتصرف] : ((أهل السنة مجمعون على الإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة ولم يكيفوا شيئًا منها، وأما الجهمية والمعتزلة والخوارج (٣) فقالوا: من أقر بها فهو مشبه، فسماهم من أقر بها معطلة)) . (٤)

(وقال إمام الحرمين في الرسالة النظامية [ص ٣٢-٣٤] : اختلفت مسالك العلماء في هذه الظواهر، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف


(١) إن قول السلف: ((أمروها بلا كيف)) أو ((أمروها كما جاءت)) يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه؛ فلو كانت دلالتها منتفية، كما يقول المفوضة من الأشاعرة وغيرهم، لكان الواجب أن يقال ما معناه: أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد؛ أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، كما هو قول المفوضة من الأشاعرة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت، ولا يقال حينئذ بلا كيف؛ إذ نفي الكيف عما ليس بثابت يعتبر من لغو القول. انظر: مجموع الفتاوى (٥ / ٤١ - ٤٢)
(٢) المراد بالتشبيه الذي يُنفى ويُذم أصحابه عند أهل السنة: أن يثبت لله تعالى في ذاته أو صفاته من الخصائص مثل ما يثبت للمخلوق من تلك الخصائص، كما قال ابن البنا الحنبلي رحمه الله في المختار في أصول السنة ص ٨١: ((المشبهة والمجسمة هم الذين يجعلون صفات الله - عز وجل - مثل صفات المخلوقين. . قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: المشبهة تقول بصر كبصري ويد كيدي ومن قال هذا فقد شبه الله تعالى بخلقه)) . وانظر: مجموع الفتاوى (٦ / ٣٥ - ٣٦) ، بيان تلبيس الجهمية (١ / ٣٧٨، ٣٨٧ ط: المَجْمَع) ، فتح رب البرية في تلخيص الحموية لابن عثيمين (٤ / ٩ ضمن مجموع فتاوى ورسائل الشيخ رحمه الله) .
(٣) أي: ومثلهم الشيعة فإنهم أخذوا التأويل عن الجهمية والمعتزلة. (ر)
(٤) العبارة منقولة بتصرف، وعبارة ابن عبد البر هي: (أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة، وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة ويزعمون أن من أقر بها مشبه) . اهـ التمهيد ٧ / ١٤٥ ط: المغرب.
والمقصود بـ (الظاهر) هنا كما يقول الحافظ الذهبي في السير ١٩ / ٤٨٨: بأن (نُمِرَّه على ما جاء، ونفهم منه دلالة الخطاب كما يليق به تعالى، ولا نقول: له تأويل يخالف ذلك) . اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>