للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكتب المعتمدة عند الشيعة الإمامية]

وأما العترة فاعلم أن الروافض زعموا أن أصح كتبهم أربعة: الكافي، وفقه من لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار، وقالوا: إن العمل بما في الكتب الأربعة من الأخبار واجب، وكذا بما رواه الإمامي ودَوَّنَه أصحاب الأخبار منهم، نص عليه المرتضى وأبو جعفر الطوسي وفخر الدين الملقب عندهم بالمحقق المحلي، وهو باطل؛ لأنها أخبار آحاد وأصحها الكافي، ومنهم من قال: أصحها فقه من لا يحضره الفقيه، وقال بعض المتأخرين منهم الناقد لكلام المتقدمين: أحسن ما جمع من الأصول كتاب الكافي للكليني والتهذيب والاستبصار. (١)

وكتاب من لا يحضره الفقيه حسن، وقد طالعت في بعضها.

وما زعموه من الصحة باطل من وجوه؛ لأن من أسانيدها من هو من المُجَسِّمة كالهشامين (٢) ، وشيطان الطاق المُعَبَّر عنه لديهم بمؤمنه (٣)

، وأمثال هؤلاء ممن اعترف الرافضة أنفسهم باتصافهم بما ذكرنا.


(١) يقول عبد الحسين شرف الدين الموسوي في كتابه "المراجعات" مراجعة ١١٠" ما نصه: ((الكتب الأربعة التي هي مرجع الإمامية في أصولهم وفروعهم من الصدر الأول إلى هذا الزمان وهي الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه، وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها)) .
ويقول السيد محمد صادق الصدر في كتابه الشيعة ص ١٢٧: ((والذي يجدر بالمطالعة أن يقف عليه هو إن الشيعة وإن كانت مجمعة على اعتبار الكتب الأربعة وقائله بصحة كل ما فيها من روايات غير إنها لا تطلق عليها اسم الصحاح كما فعل ذلك إخوانهم أهل السنة إذ إن الصحيح عندهم باصطلاح أهل الحديث ما كان سلسلة رجال الحديث كلهم إماميون وعدول ومع هذا اللحاظ لا يمكننا أن نعبر عن الكتب الأربعة بالصحاح لأن فيها الصحيح وفيها الحسن وفيها الموثق)) .
ويقول الحر العاملي: ((تقدم من شهادة الشيخ، والصدوق، والكليني، وغيرهم من علمائنا بصحة هذه الكتب والأحاديث، وبكونها منقولة من الأصول والكتب المعتمدة ونحن نقطع قطعا لا شك في أنهم لم يكذبوا، وانعقاد الاجماع على ذلك إلى زمان العلامة)) .

وهذا نقل للإجماع من الحر العاملي على أن الشيعة كانوا يرون صحة جميع ما في الكتب الاربعة حتى ذلك العهد، ثم اختلف علماء الطائفة وانقسموا فصاروا أصوليين وإخباريين، وتضاربت أقوالهم في صحة الكتب الأربعة، وحصل بينهم التراشق بالأقوال والردود، فاستدل الإخباريون بأمور كثيرة نقضوا فيها أقوال الأصوليين بصحة الكتب الأربعة وبالعكس، مما أدى إلى حدوث بون، وهوة كبيرة بين الطرفين.
وهذه الكتب الأربعة مأخوذة - كما يقولون - من أصول معروضة على الأئمة، مع أن أصول «الكافي» كتب في عصر الغيبة الصغرى، وكان بالإمكان الوصول إلى حكم الإمام الثاني عشر على أحاديثه، بل قالوا بأنه عرض على مهديهم فقال: ((بأنه كاف لشيعتنا)) ، كما أن صاحب من لا يحضره الفقيه (أدرك من الغيبة الصغرى نيفاً وعشرين سنة) كما في كتاب الشيعة للصدر ص١٢٥.
ولا شك أن هذا الكلام الأخير غير مستقيم بتاتاً؛ فإنه لو صح ذلك فلم لم يعترض الأئمة على ما فيها من موضوعات؟ لم يجد صاحب كشف الغطا جواباً على ذلك إلا الفزع إلى التقية التي هي المُتَعَلَّق في مثل هذه الأوضاع، فقال: (وأنه لا يجب على الأئمة المبادرة إليهم بالإنكار ولا تمييز الخطأ من الصواب لمنع التقية المتفرعة على يوم السقيفة) .
(٢) الهشامان هما: هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي وقد أخرج الكليني في الكافي (١/١٥٧) : (عن على بن حمزة , قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام , سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أن الله جسم صمدي نوري معرفته ضرورة يمن بها على من يشاء من خلقه، فقال عليه السلام: سبحان من لا يعلم أحد كيف {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ? (الشورى: ١١) .
ثم روى الكليني في الكافي (١/١٥٨) بسنده عن مُحَمّد بن الفرج الرخمي , قال: (كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأل عما قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة , فكتب: دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان ليس القول ما قال الهشامان)
(٣) يعرف هذا الرجل عند علماء السنة بشيطان الطاق، بل حتى هشام بن الحكم ألف كتابا في الرد عليه باسم " الرد على شيطان الطاق "، وروى الكليني في الكافي (١/١٥٤) بسنده عن إبراهيم بن مُحَمّد الخزاز ومحمد بن الحسين قالا: (دخلنا على أبي الحسن الرضا عليه السلام فحكينا له أن محمدا صلى الله عليه وآله رأى ربه في صورة الشاب الموفق في سن أبناء الثلاثين سنة وقلنا: إن هشام بن سالم وصاحب الطاق يقولان: إنه أجوف إلى السرة والبقية صمد، فخر ساجدا لله ثم قال: سبحانك ما عرفوك ولا وحدوك ... ) إلخ.

روى) الكشي (٣/٢٦٣-٢٦٤) بسنده عن فضيل بن عثمان قال: (دخلت على أبي عبد الله عليه السلام في جماعة من أصحابنا فلما أجلسني قال: ما فعل صاحب الطاق؟ قلت: صالح قال: أما بلغني أنه جدل وأنه يتكلم في تيم قذر؟ قلت: أجل هو جدل قال: أما إنه لو شاء أنه طريف من مخاصميه أن يخصمه فعل قلت: كيف ذاك؟ فقال: يقول: أخبرني من كلامك هذا من كلام إمامك؟ فإن قال نعم كذب علينا وإن قال لا قال: كيف تتكلم بكلام لم يتكلم به إمامك ثم قال: إنهم يتكلمون بكلام إن أنا أقررت به ورضيت به أقمت على الضلالة وإن برئت منهم شق علي، نحن قليل وعدونا كثير قلت: جعلت فداك فابلغه عنك ذلك؟ قال: أما إنهم دخلوا في أمر ما يمنعهم من الرجوع عنه إلا الحمية

<<  <  ج: ص:  >  >>