(٢) الخلاف السني الشيعي حول قضية الإمامة ليس منصباً على ضرورة وجود إمام يقود الأمة أو عدم وجوده؛ إذ أن كلا الفريقين يرى أن وجود إمام وقائد للأمة الإسلامية أمراً لا بد منه، لكن مفترق الطريق بين الفريقين منصبّ على نمط هذه الإمامة.. هل لها القدسية التي أعطاها الله عز وجل للنبوة بحيث يكون أمر الحاكم تماماً كما لو كان هو النبي عليه الصلاة والسلام الذي لا يخالف، أو لا يُتصور فيه الخطأ ولا حتى النسيان؟ أم أنها لا تعدو أن تكون ضرورة دينية واجتماعية لحفظ نظام المجتمع الإسلامي؟ وهل تنحصر باثني عشر رجلاً فقط منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قيام الساعة أم أنها غير محددة الحكام وإنما بحسب حاجة الأمة والتغيرات السياسية التي تحوطها وتتجدد معها؟ وهل تنعقد بالنص الإلهي على أشخاص محددين؟ أم بنظام الشورى الإسلامي وبضوابط شرعية تكفل أن لا يتصدر الحكم إلا من هو أهل له؟ فهنا يكمن الخلاف، فهنا تتشعب القضية بل وتصل إلى طريق مسدود يوم أن تنتقل القضية المتنازع عليها من إطار الخلاف الفقهي إلى إطار الخلاف العقائدي بحيث تصير الإمامة أصلاً لقبول أعمال العباد عند خالقهم، وأصلاً في معرفة الدين، وأصلاً في تقييم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته وخلفاء المسلمين وحكامهم وعلماء الأمة والفتوحات الإسلامية!! انظر: ثم أبصرت الحقيقة للشيخ محمد الخضر. (٣) هذه النظرة الشيعية - التي ينص عليها عبد الحسين هنا - وبرواياتها التي تسندها في كتب الشيعة ساهمت بشكل مباشر في جعل مسألة الإمامة النصية مسألة إيمان أو كفر، فبات المسلم معرضاً للاتهام بالكفر لمجرد اختلافه مع الشيعة الإمامية في عقيدة الإمامة التي يعتقدونها؛ ولذا رأينا بعض كبار علماء الشيعة الإمامية السابقين واللاحقين يصرّحون بهذه الحقيقة المرّة بكل جرأة واندفاع.