للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندهم بأمور كثيرة (١) ، ويرون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو علي أمير المؤمنين عليه السلام فهو أفضل أهل زمانه.

رأي السنة في الخلافة:

إن المسلمين من السنة لا يرون الخليفة بهذه العظمة، فهي عندهم فرع من فروع الدين (٢)

، فيجب على المسلمين أن يختاروا من بينهم خليفة ولا يشترطون امتيازه عن غيره في الفضل والصلاح، ولعل أكثرهم لا يشترط فيه الصلاح والعدالة.

فإذا عرفت ذلك ظهر لك أن الشيعة حين ينكرون أن يكون أحد من الصحابة أفضل من علي عليه السلام أو مساويًا له إنما هو لمنافاته لأصل الدين (٣) وقاعدة المذهب عندهم، وقد فرغوا من إثباته بالحجج القاطعة والبراهين العقلية والنقلية، وألَّفوا في ذلك الكتب المطولة، فمن يجهل رأيهم في الخلافة ولم يطالع ما كتبوه في ذلك مع وفوره وقرب مناله، يظن أن ذلك منهم غلو في علي وانحراف عن غيره، وليس كذلك.

إن العالِم الشيعي ينظر إلى التفاضل بين علي عليه السلام وعمر


(١) أقول: ليته استطاع أن يذكر من هذه الأمور الكثيرة فرقاً واحداً جوهرياً بين النبوة وبين الإمامة غير الفرق السطحي جداً والذي وردت به رواية في "الكافي" تحصر الفرق بين النبوة والإمامة في كون الإمام يسمع الملك ولا يراه بينما النبي يسمعه ويراه، فالناس حينما تتبع نبياً أو رسولاً أو حتى إماماً لا تهتم بالطريقة التي جاء بها الوحي بل بكونه وحياً من الله والناس ملزمة باتباعه؛ ولذلك لم يكن بوسع العلامة المجلسي في بحار الأنوار (٢٦/٨٢) إلا أن يصرّح بقوله: (ولا نعرف جهة لعدم اتصافهم بالنبوة إلا رعاية جلالة خاتم الأنبياء، ولا يصل عقولنا إلى فرق بين النبوة والإمامة) ، وهنا يقول هذا الشيعي في المناظرة: إن النبي يمتاز بأمور كثيرة!! انظر للاستزادة كتاب " إمامة الشيعة دعوة باطنية لاستمرار النبوة " للشيخ عبد الملك الشافعي.
(٢) الخلاف السني الشيعي حول قضية الإمامة ليس منصباً على ضرورة وجود إمام يقود الأمة أو عدم وجوده؛ إذ أن كلا الفريقين يرى أن وجود إمام وقائد للأمة الإسلامية أمراً لا بد منه، لكن مفترق الطريق بين الفريقين منصبّ على نمط هذه الإمامة..
هل لها القدسية التي أعطاها الله عز وجل للنبوة بحيث يكون أمر الحاكم تماماً كما لو كان هو النبي عليه الصلاة والسلام الذي لا يخالف، أو لا يُتصور فيه الخطأ ولا حتى النسيان؟ أم أنها لا تعدو أن تكون ضرورة دينية واجتماعية لحفظ نظام المجتمع الإسلامي؟
وهل تنحصر باثني عشر رجلاً فقط منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قيام الساعة أم أنها غير محددة الحكام وإنما بحسب حاجة الأمة والتغيرات السياسية التي تحوطها وتتجدد معها؟ وهل تنعقد بالنص الإلهي على أشخاص محددين؟ أم بنظام الشورى الإسلامي وبضوابط شرعية تكفل أن لا يتصدر الحكم إلا من هو أهل له؟
فهنا يكمن الخلاف، فهنا تتشعب القضية بل وتصل إلى طريق مسدود يوم أن تنتقل القضية المتنازع عليها من إطار الخلاف الفقهي إلى إطار الخلاف العقائدي بحيث تصير الإمامة أصلاً لقبول أعمال العباد عند خالقهم، وأصلاً في معرفة الدين، وأصلاً في تقييم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته وخلفاء المسلمين وحكامهم وعلماء الأمة والفتوحات الإسلامية!! انظر: ثم أبصرت الحقيقة للشيخ محمد الخضر.
(٣) هذه النظرة الشيعية - التي ينص عليها عبد الحسين هنا - وبرواياتها التي تسندها في كتب الشيعة ساهمت بشكل مباشر في جعل مسألة الإمامة النصية مسألة إيمان أو كفر، فبات المسلم معرضاً للاتهام بالكفر لمجرد اختلافه مع الشيعة الإمامية في عقيدة الإمامة التي يعتقدونها؛ ولذا رأينا بعض كبار علماء الشيعة الإمامية السابقين واللاحقين يصرّحون بهذه الحقيقة المرّة بكل جرأة واندفاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>