للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أنكر أن يكون في علماء الطائفتين من تهمه نفسه، ولا يميل إلى الاتفاق لما اعتاده من التعصب الأعمى، فعلى العقلاء من كلتا الطائفتين رفض أولئك والتنبه لهم.

وليت شعري كيف يمكن الاتفاق بين هاتين الطائفتين قبل دفع سبب الخلاف.

إن الشيعة من المسلمين يرون أن من أرسى قواعد الإسلام وأقوى دعائمه موالاة أهل البيت والاهتداء بهديهم والعمل برأيهم وحديثهم، وأن المنحرف عنهم، النابذ لحديثهم، المهتدي بخلاف هديهم غير متبع سبيل المؤمنين، ويرون أن أبناء السنة من المسلمين منحرفون عنهم بنبذهم علمهم وحديثهم وإعراضهم عن مذهبهم فهم على غير سبيل المؤمنين. (١)

وإن المسلمين من أهل السنة يرون أن أرسى قواعد الإسلام وأوثق عراه موالاة أصحاب رسول الله جميعهم والعمل بكل ما حدَّثوا به؛ لأنهم حملة الدين وحفظة الوحي ومبلغوه إلى الأمم، فالمنحرف عنهم التارك لحديثهم غير متبع سبيل المؤمنين، ويرون أن الشيعة


(١) وهذه خلاصة بحث في كتب الأحاديث عند الشيعة والسنة لمعرفة عدد الروايات المروية عن طريق العترة، فعند الشيعة أول أربع كتب معتبرة هي: ((الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار)) ، ومقارنة عند أهل السنة: ((صحيحا البخاري وسلم، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجه وأحمد بن حنبل)) :
١ - مجموع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم يبلغ٦٤٤ رواية فقط من أصل٤٤ألف رواية موجودة في الكتب الأربعة عند الاثنا عشرية، فتأمل!
وكتاب الكافي لوحده - بأجزائه الثمانية - يحتوى على أكثر من١٦الف رواية، وللنبي صلى الله عليه وسلم منها ٩٢ حديثا فقط!
وكلها فى اسانيدها اشكال بعتراف علمائهم، في حين أن جعفر الصادق رحمه الله يبلغ عدد رواياته في كتاب الكافي٩٢١٩.
٢ - أما فاطمة رضي الله عنها فلا يوجد لها رواية في جميع الكتب الاربعة بتاتاً، أما كتب أهل السنة فيوجد لديها ١١ رواية، وعند أحمد بن حنبل ٧ روايات.
٣ - أما علي بن أبي طالب رضي الله عنه فرواياته في الكتب الأربعة الشيعية فتبلغ٦٩٠ رواية فقط، أما عند أهل السنة بالمصادر التي ذكرناها سابقا فعددها ١٥٨٣، وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل لوحده يوجد ٨١٨ رواية، أي أنه يغطي لوحده على مجموع ما ترويه أربع كتب شيعية معتبرة مجتمعة، فتأمل!

٤ - الحسن بن علي رضي الله عنهما روى عنه الشيعة في الكتب الأربعة ٢١رواية، أما في كتب أهل السنة فعددها ٣٥ رواية، وعند أحمد بن حنبل لوحده في مسنده بلغت١٨رواية.
٥ - الحسين بن علي رضي الله عنهما روي عنه في كتبهم الأربعة مجتمعة ٧ أحاديث فقط، في حين أنها بلغت عند أهل السنة ٤٣ وفي مسند احمد بن حنبل لوحده بلغت١٨يعني أكثر من ضعفي ما لدى الكتب الشيعية الأربعة مجتمعة تقريباً، وهؤلاء صحابة من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
ولو جئنا لبعض ذرية الحسين رضي الله عنهم في بعض كتب أهل السنة فسنجد الآتي وهو بحث أتممت نقصه دون استقراء تام وإنما بحسب ما تيسر لي:
١ - أحاديث زين العابدين في صحيح البخاري: (٢٥حديثا، وفي مسلم ١٥ حديثاً، وفي سنن أبي داود ١١ حديثاً، النسائي (الصغرى) ٨) .
٢ - أحاديث محمد الباقر رحمه الله: (في صحيح البخاري ١٢ حديثا، وفي مسلم ١٩، وفي الترمذي ٢٣، وفي النسائي ٥٦، وفي سنن أبي داود ١٧، وفي سنن ابن ماجه ٢٤، وفي مسند أحمد ٦٥) .
٣ - أحاديث جعفر الصادق رحمه الله: (في صحيح مسلم ١٧ حديثاً، وفي سنن أبي داود ١١ حديثاً، وسنن النسائي (الصغرى) ٤٣ حديثاً، وفي سنن الترمذي ٢٠ حديثاً، وفي سنن ابن ماجه ١٩ حديثاُ، وفي مسند أحمد ٣٥) .
كما أن أهل السنة لم يُغفلوا ذلك الجزء العظيم من أهل البيت ممن قيل لهن {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} وهن نساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأهل لسنة يرون عن طريق زوجات الرسول بالسند الصحيح.
كما أنهم - أعني أهل السنة - لم يُغفلوا بقية آل البيت وهم آل عقيل وآل طالب وآل علي وآل العباس؛ فقد جاء في كتب أهل السنة روايات لكل من:
عقيل أخو علي بن ابي طالب، عبد الله بن محمد بن عقيل، عبد الله بن جعفر بن ابي طالب، وأم هانئ بنت أبي طالب، وأم عون بنت محمد بن جعفر، وإسحاق بن عبد الله بن جعفر، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر، والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، وابنه عبد الله بن العباس المعروف بحبر الامة وترجمان القرآن، ومحمد بن الحنفيه أخو الحسن والحسين، وأبنائه كالحسن بن محمد وعبد الله بن محمد وإبراهيم بن محمد وعمر بن محمد.
وكذلك رووا عن بقية أبناء علي بن أبي طالب كعمر بن علي بن أبي طالب، وحفيده محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وولده عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وأيضا عن بنات علي بن أبي طالب ومنهن: فاطمة بنت علي، وأم كلثوم بنت علي زوجة عمر بن الخطاب.
وأيضا روى أهل السنة عن أبناء الحسن بن علي رضي الله عنهما وأبناء أبنائه، منهم: محمد بن عمرو بن الحسن، وعبد الله بن الحسن بن الحسن، والحسن بن الحسن بن الحسن، وإبراهيم بن الحسن بن الحسن، والحسين بن زيد بن الحسن، والحسن بن زيد بن الحسن.
وأيضا روى أهل السنة عن أبناء الحسين بن علي رضي الله عنهما وأبناء أبنائه، منهم: فاطمة بنت الحسين بن علي، وزيد بن علي بن الحسين، وعبد الله بن علي بن الحسين، وعمر بن علي بن الحسين، والحسين بن علي بن الحسين، وعلي بن عمر بن علي بن الحسين، إسحاق بن جعفر بن محمد، وعلي بن جعفر بن محمد.
وللعلم فإن الكثير من تلك الأسماء لا توجد لهم روايات في كتب الشيعة المعتبرة ... وهكذا تجد إن كتب أهل السنة تحتوى على الكثير من الروايات المروية عن طريق آل البيت ولا نختص فقط بـ ١٢ شخصا.
علماً بأن الذين يتشدقون من الغلاة فيقولون: أهل البيت أدرى بما فيه ونحن لا نثق في الصحابة!
قد فاتهم أن روايات أهل البيت المنسوبة إليهم جاءتهم من طريق الواقفة وغيرهم من أمثال زرارة وجابر الجعفي وغيرهم ممن تقدم حالهم قبل قليل، ولا ندري كيف تُرد روايات أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، الذين هم أفضل من ألئك الرواة من كل وجه وبكل اعتبار بحجة أنهم ليسوا من أهل البيت، وتقبل - في الوقت نفسه - روايات أصحاب جعفر وهم أدنى منزلة، وليسوا من أهل البيت!

<<  <  ج: ص:  >  >>