للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخذ بهذه الرواية بعض مفسري اللغة والمعقول (١) ووضحوا ما فيها من التعليل بأنه صلى الله عليه وسلم لم يحدث له وقتئذ اضطراب ولا خوف ولا حزن، وقواها بعضهم بأن الأصل في الضمير أن يعود إلى أقرب مذكور وهو الصاحب، وليس هذا بشيء.

وذهب آخرون إلى أن الضمير يعود إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وإن إنزال السكينة عليه لا يقتضي أن يكون خائفاً أو مضطرباً أو منزعجاً، وهذا ضعيف لعطف إنزال السكينة على ما قبلها بالفاء الدال على وقوعه بعده وترتيبه عليه، وإن نزولها وقع بعد قوله لصاحبه {لا تحزن} ولكنهم قووه بأن ما عطف عليه من قوله {وأيده بجنود لم تروها} لا يصح إلا للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد بهؤلاء الجنود الملائكة، لأن الأصل في المعطوفات التعانق وعدم التفكك. (٢)

وأجاب عنه الآخذون بقول ابن عباس ومجاهد:

أولاً: بأن التأييد بالجنود معطوف على قوله {فقد نصره الله} لا على {فأنزل الله سكينته} .

وثانياً: بأن تفكك الضمائر لا يضر إذا كان المراد من كل منها ظاهراً لا اشتباه فيه.


(١) انظر: زاد المسير لابن الجوزي (٣ / ١٧٩) ، تفسير الفخر الرازي (ج ١٦، ص ٥٦) .
(٢) ويمكن التوفيق بين القولين بما اختاره بعض المحققين وهو أن الضمير عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى صاحبه تبعا له، فهو الذي أنزلت عليه السكينة وهو الذي أيده الله بالجنود وسرى ذلك إلى صاحبه تبعاً، إذ أنه ما دامت السكينة قد نزلت؛ فلا بد أنها نزلت على قلب أصابه الحزن، كما أن قول النبي صلى الله عليه وسلم {لا تحزن إن الله معنا} يجعل السكينة تنزل على قلب أبي بكر ولا بد، والله أعلم، وهو ظاهر اختيار المؤلف رحمه الله كما سيأتي بعد قليل. وانظر: منهاج السنة ٨ / ٤٨٩ - ٤٩٢، بدائع الفوائد لابن القيم ص ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>