للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به إرادته ومضت به سنته من نصر رسله وبينه في مثل قوله {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون} وقوله {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} فهذه كلمة الله الإرادية القدرية التي كان من مقتضاها وعده لرسوله الأعظم بالنصر.

وفسر بعضهم كلمته هنا: بما وعده من إحباط كيدهم، ورد مكرهم في نحورهم، وهو قوله في تتمة الآية {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} .

وما قلناه هو الأصل والقول الفصل وهذا مبني عليه. (١)

وقد قرأ الجمهور {وكلمةُ الله} بالرفع (٢) لإفادة أنها العليا المرفوعة بذاتها لا بجعل وتصيير، ولا كسب وتدبير، وقرأها يعقوب بالنصب (٣) .

والمراد من القراءتين معاً: أنها هي العليا بالذات ثم بما يكون من تأييد الله لأهلها القائمين بحقوقها بجعلهم بها أعلى من غيرهم، كما قال {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} وبجعلها بهم ظاهرة بالعلم والعمل، تعلو كل ما يخالفها عند غيرهم.

فإن كان المراد بها ما تعلقت به إرادته تعالى ومضت به سنته من نصر رسله وإظهار دينه (وهي كلمة التكوين) فالأمر ظاهر؛ لأن


(١) وأما الغلاة فقد أبعدوا النجعة كالعادة، حيث نسبوا إلى أهل البيت أن المراد بكلمة الكفر: هو (أبو بكر) كما في عدة روايات نقلها صاحب كتاب الشهاب الثاقب الشيخ الاثنا عشري عالم سبيط النيلي ص ٦٠ - ٦٣، ولا شك بأن هذا القول من أبطل الباطل؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم {يقول لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا} ، وهؤلاء القوم يجعلون صاحبه هو كلمة الذين كفروا، فهل يقول عاقل بأن الله يكون مع {كلمة الذين كفروا} ، التي جعلها ووصفها بأنها {السفلى} ؟!
(٢) انظر: النشر لابن الجزري (٢ / ٣٧) ، التذكرة في القراءات الثمان ص ٢٠٥.
(٣) قرأها يعقوب الحضرمي {وكلمةَ} منصوبة بخلافٍ عنه، وكذلك قرأها الحسن والأعمش وقتادة وغيرهم. انظر: معجم القراءات لأستاذنا د. عبد اللطيف الخطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>