ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم} .
و (الوجه الثاني) : إقامة المكلفين لها بمعنييها، وهي تختلف باختلاف أحوالهم في العلم والإيمان والأخلاق وما يترتب عليها من الأعمال، فمن هذا الوجه قد تخفى علويتها على الناس في بعض الأحيان؛ إذ ينظرون إليها في صفات المدعين لها وأعمالهم، لا في ذاتها، وقد يكون هؤلاء غير قائمين بها ولا مقيمين لها.
ومن عجائب ما روي لنا من إدراك بعض الإفرنج لعلوية كتاب الله تعالى بسعة علمه وعقله أن عاهل الألمان الأخير قال لشيخ الإسلام في الحكومة العثمانية لما زار الاستانة في أثناء الحرب الكبرى: يجب عليكم - وأنتم دولة الخلافة الإسلامية - أن تفسروا هذا القرآن تفسيراً تظهر به علويته!!
كما أدرك هذه العلوية الوليد بن المغيرة من كبراء مشركي قريش بذكائه ودقة فهمه وبلاغته إذ كان مما قاله فيه:((وإنه ليعلو ولا يعلى، وإنه ليحطم ما تحته)) . (١)
وراجع ما قلناه في تفسير {ليظهره على الدين كله} من هذه السورة وما هو ببعيد.
وأما كلمة الذين كفروا فقد كانت لا مقابل ولا معارض لها قبل الإسلام من حيث القيام بها لتوصف بالوصف اللائق بها
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك بسند صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما انظر: صحيح السيرة للألباني ص ١٥٨.