للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل تلك الليلة الظلماء مع كون الكفار قاصدين قتل رسول الله تعريض النفس للفداء، فهذا العمل من علي أعلى وأعظم من كون أبي بكر صاحبًا للرسول. (١)

فهذه جملة ما ذكروه في هذا الباب)) . (٢)

هذا ما نقله الرازي بحروفه وقال: إنه ((أخس من شبهات السوفسطائية)) ، ورد عليه.

وذكر في رده ردًا آخر لأبي علي الجبائي إمام المعتزلة في عصره في القرن الثالث (توفي سنة ٣٠٣) فدل هذا على قدم هذا الجهلِ والسخفِ في القوم.

وقد بسط ذلك الشهاب الألوسي في تفسيره [١٠ / ١٠٠ ط: التراث] نقلا عنهم وكان كثير الاحتكاك بعلمائهم في بغداد، فقال ما نصه:

((وأنكر الرافضة دلالة الآية على شيء من الفضل في حق الصديق رضي الله عنه.

قالوا: إن الدال على الفضل إن كان {ثاني اثنين} فليس فيه أكثر من كون أبي بكر متمما للعدد.

وإن كان {إذ هما في الغار} فلا يدل على أكثر من اجتماع شخصين في مكان، وكثيرًا ما يجتمع فيه الصالح والطالح.

وإن كان {لصاحبه} فالصحبة تكون بين المؤمن والكافر كما في قوله تعالى {قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت


(١) أقول: مع غض النظر عن وجود إسناد صحيح لهذه الحادثة أو عدمه، لكننا ((لو عرضنا الحادثة على العقل مستصحبين أصول الإمامة العقلية لدى الشيعة، فسوف نصل إلى وجوب إنكار كون من بات في الفراش هو على رضي الله عنه! والسبب: هو أن الإمام المعصوم يجب أن يحفظ نفسه من الموت حتى تنتفع به الأمة فلا يعرض نفسه للهلاك أبداً، وهناك عدة وقائع تبين وجوب حفظ الامام ولو على حساب تحريف الشريعة، او الوقوع في الاختلاف، أو مقابل أي ثمن مهما كان عظيما.
فالمعصوم كان - مثلاً - يُسْأل من قِبل عدة أشخاص في مجلس واحد سؤالاً واحداً، فيجيبهم بأجوبة مختلفة، فكان يحرف حكم الله تعالى ويفتي بخلافه، بحجة الخوف على نفسه من القتل كما في عدة روايات واخدة منها في أصول الكافي / الكليني ج١ ص ٢٦٥ - ٢٦٦، كما أن المعصوم الثاني عشر اختفى، وترك الناس كي يحفظ نفسه من القتل، بمعنى أن حفظ نفسه مقدم على حفظ الدين.
ونحن في قصة المبيت نقول يجب - بحكم العقل - حفظ المعصوم من القتل بناء على ما ذكرناه من شواهد، فاللائق بالنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يُعرِّض علياً للقتل وهو الامام المعصوم، وحفظه مقدم على كل الغايات وتحقيقه واجب بأي ثمن ديني أو دنيوي، اذن تركه ينام في الفراش وتعريضه للقتل خلاف الأصل العقلي عندهم بوجوب الحفاظ على المعصوم.
بل كان الأولى على ضوء معتقدهم في كفر أبي بكر وضرورة حفظ الإمام أن يفعل العكس بأن يصطحب علياً معه ويترك الصديق معرضاً للقتل إذ لا خسارة في قتله بل كسب عظيم بتخليص الإسلام من مؤامراته على الخلافة كما يدندن الإمامية)) . انظر: من صاحب الغار لعلاء الدين البصير حفظه الله.
(٢) تفسير الرازي (مج ١٦، ص ٥٤ - ٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>