للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبي بكر الصديق أعظم الشرف في أن يكون ثالثهم، أو كما قلتم متمما للعدد.

ويزيد هذا الشرف الذاتي قيمة: أنه ليس مما يحصل مثله بالمصادفة ولا بالكسب والسعي، وإنما الذي اختاره له هو رسول الله بإذن الله، والمخبر بذلك هو الله ورسوله.

ولو وردت هذه الآية وهذا الحديث في علي رضي الله عنه وكرم وجهه لقلتم في الثلاثة حينئذ نحوًا مما قالت النصارى في ثالوثهم (الأب والابن وروح القدس) كما قلتم في كونه كرم الله وجهه أحد الذين ثبتوا معه صلى الله عليه وسلم في حنين، فجعلتم هذا الثبات الذي يتفرد به ولم يثبت بنص القرآن، ولا بحديث متواتر مرفوع ولا مرسل، حجةً على كونه وحده دون من اعترفتم بثباتهم معه سببا للنصر، وإنقاذ الرسول من القتل، وبقاء الإسلام والمسلمين في الوجود! (١)

وكما فعلتم في حديث مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم له؛ إذ فضلتموه به على الصديق وغيره، على حين قد ثبتت تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الصِّدِّيقَ أخا له بأحاديث أصح من ذلك الحديث كقوله صلى الله عليه وسلم: ((لو كنت متخذًا من أمتي خليلا دون ربي لاتخذت


(١) وهكذا لو كان من قام بإيصال الماء والطعام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها بدلاً من أسماء رضي الله عنها لقامت الدنيا ولم تقعد عند الشيعة، ولأصبح فعل فاطمة رضي الله عنها هو الدين كله! ولولاها لما قام للإسلام عود! ولولاها لما تمكن النبي صلى الله عليه وسلم من الوصول سالماً إلى المدينة! ولولاها لما كان هناك مهاجرون ولا انصار، و. . و. . و. .!
وهكذا ينتقصون من أفعال الصحابة وإن كانت عظيمة وكبيرة ويرفعون من شان أفعال أهل البيت وان كانت أهون من غيرها.
فقللوا - كما أشار المؤلف رحمه الله - من شأن هجرة أبي بكر مع النبي وتحمله المصاعب والأهوال وحطوا من شانه وأصبحت الآية النازلة في حقه والدالة على فضله وعلو منزلته دليلاً على كفره ونفاقه!

لو كان في الهجرة مع النبي صلى الله عليه وسلم علي بدلاً من أبي بكر وكان العكس هو الذي قد حصل فكان علي- رضي الله عنه - هو الذي رافق النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته وكان معه في الغار ونزلت بحقه الآية لقالوا: والله لا احد يعرف سر هذا الثالوث المقدس!!
ولتحولت هذه المنقصة التي حمّلوها - كذباً وتدليساً - هذه الآية، إلى منقبة ما بعدها منقبة، ولكتبوا عنها الكتب والمجلدات التي تسير بها الركبان، ولجعلوا لها من الأسماء الرنانة ما تندهش له العقول، ولكن المشكلة هي في اختلاف الأسماء فقط!

<<  <  ج: ص:  >  >>